بإذن الله تعالى وأوداجه تشخب دما. فسألوه : من قتلك فقال : فلان وفلان ؛ لابني عمّ له. ثم اضطجع ميتا. فأخذا فقتلا. وفي الآية اختصار تقديره : (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها) فضربوه فحيى.
قوله تعالى : (كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى ؛) أي كما أحيى عاميل بعد موته كذلك يحيي الله الموتى. (وَيُرِيكُمْ آياتِهِ ؛) أي عجائب قدرته ودلالته ، (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٧٣) ؛ أي لكي تفهموا إحياء الموتى وغير ذلك. قال الواقديّ (١) : (كلّ شيء في القرآن (لعلّكم) فهو بمعنى (لكي) غير الّذي في الشّعراء : (وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ)(٢) فإنّه بمعنى كأنّكم تخلدون فلا تموتون) (٣).
والله تعالى كان قادرا على إحيائه بغير هذا السبب ؛ إلا أنّ الله أمرهم بذلك ؛ لأن إحياء الميت بالميت آكد دليلا وأبين قدرة.
قوله تعالى : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) ، قال الكلبي : قالوا بعد ذلك : لم نقتله نحن ؛ وأنكروا ؛ ولم يكن أعمى قلبا ولا أشدّ تكذيبا منهم لنبيّهم عند ذلك ، فقال الله تعالى : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ).
قال الكلبيّ : (قست ؛ أي يبست وفسدت). وقال أبو عبيد : (حقدت). وقال الواقديّ : (جفّت فلم تلن). وقيل : اسودّت. وقال الزجّاج : (تأويل القسوة ذهاب اللّين والخشوع والخضوع). وقيل : قست ؛ أي غلظت.
وقوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) أي من بعد إحياء الميت. وقيل : من بعد هذه الآيات التي تقدّمت من مسخ القردة والخنازير ؛ ورفع الجبل ؛ وخروج الأنهار من الحجر ؛ وغير ذلك. (فَهِيَ كَالْحِجارَةِ) ؛ في غلظها وشدّتها ويبسها ؛
__________________
(١) محمّد بن عمر بن واقد السهمي بالولاء ، المدني ، أبو عبد الله الواقدي ، من أقدم المؤرخين في الإسلام وأشهرهم ، ومن حفّاظ الحديث ، ولد في (١٣٠) من الهجرة ، وتوفي (٢٠٧) من الهجرة. من كتبه : تفسير القرآن.
(٢) الآية / ١٢٩.
(٣) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١ ص ٢٢٧ ؛ قال القرطبي : «إن العرب استعملت (لعل) مجردة من الشكّ بمعنى (لام كي) فالمعنى : لتعقلوا ولتذكروا ولتتقوا».