مشكها (١) ذهبا. وقال السديّ : (بوزنها عشر مرّات ذهبا). وقوله تعالى : (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) (٧١) ؛ أي من غلاء ثمنها. وقيل : وما كادوا يجدونها باجتماع أوصافها. وقيل : لأن كلّ واحد منهم خشي أن يكون القاتل من قبيلته.
قوله عزوجل : (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها ؛) يعني : عاميل. وهذه الآية أوّل القصّة ؛ ومعناها : واذكروا إذ قتلتم نفسا فادّارأتم فيها ؛ أي اختلفتم فيها ، كذا قال ابن عبّاس ومجاهد ؛ ومنه قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم : [كنت خير شريك لا تداري ولا تماري](٢). وقال الضحّاك : ((فَادَّارَأْتُمْ فِيها) ؛ أي اختصمتم). وقال عبد العزيز بن يحيى : (شككتم). وقال الربيع : (تدافعتم). وأصل الدّرئ الدفع. يعني إلقاء ذاك على هذا ؛ وهذا على ذاك يدافع كلّ واحد عن نفسه كقوله : (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ)(٣). وقوله تعالى : (وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (٧٢) ؛ أي مظهر ما كتمتم من أمر القاتل.
قوله عزوجل : (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها ؛) أي اضربوا المقتول ببعض البقرة ؛ أي بعضو منها. واختلفوا في هذا البعض ما هو؟ فقال ابن عبّاس : (العضو الّذي يلي الغضروف وهو المقتل). وقال الضحّاك : (بلسانها). وقال سعيد بن جبير : (معجب ذنبها ؛ وهو العصعص ؛ لأنّه أساس البدن الّذي ركّب عليه ؛ وهو أوّل ما يخلق وآخر ما يبلى). وقال مجاهد : (بدنها). وقيل : بفخذها. وقيل : فخذها الأيمن.
وقال السديّ : (البضعة الّتي بين كتفيها). ففعلوا ذلك ، فلما ضربوه قام القتيل حيّا
__________________
(١) المشكدانة : فارسيّة معناها : موضع المسك. ولقّب بها عبد الله بن عامر المحدث لطيب ريحه وأخلاقه. القاموس المحيط : (مشكدانة).
(٢) عن عبد الله بن السائب قال : كنت شريكا للنبي صلىاللهعليهوسلم ، فلما قدمت المدينة قلت : أتعرفني؟ قال : [كنت شريكا لي ، فنعم الشّريك أنت ، كنت لا تماري ولا تداري]. في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : ج ٩ ص ٤٠٩ ؛ قال الهيثمي : «رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير منصور بن أبي الأسود ، وهو ثقة». وعنه قال : أتيت النبيّ صلىاللهعليهوسلم لأبايعه ، فقلت : يا رسول الله أتعرفني؟ قال : [نعم ، ألم تكن شريكا لي ، فوجدتك خير شريك لا تداري ولا تماري]. قال الهيثمي : «رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح». والحديث بلفظ قريب خرجه أبو داود وابن ماجة.
(٣) الرعد / ٢٢.