فأخبرها بذلك. فقالت : يا بنيّ إنّ الّذي يأتيك ملك في صورة بشر ؛ فقل له : أتأمرنا أن نبيعها أم لا؟ فأتى إليه ؛ فقال له ما قالت أمّه. فقال له : اذهب إلى أمّك وقل لها : أمسكي هذه البقرة ، فإنّ موسى يشتريها منكم لقتيل يقتل من بني إسرائيل ، فلا تبيعوها إلّا بملئ مشكها ذهبا. وقدّر الله على بني إسرائيل ذبحها مكافأة له على برّ والديه فضلا منه ورحمة).
وروي أنّها كانت لرجل يبيع الجوهر ، فجاءه إبليس بجراب من اللّؤلؤ يساوي مائتي ألف ، فعرضه عليه بمائة ألف ، فوجد الجوهريّ المفتاح تحت رأس أبيه وهو نائم ، وقال : كيف أوقظ أبي لربح مائة ألف؟! فكره أن يوقظه ، فرجع وقال : إنّ أبي نائم والمفتاح تحت رأسه. فقال له إبليس : إذهب أيقظه فأنا أبيعك بخمسين ألفا. فذهب فلم يحتمل قلبه ذلك ، فرجع ، فلم يزل إبليس يحطّ من الثمن حتى بلغ عشرة دراهم ، فلم يوقظ أباه وترك الشراء ، فجعل الله في ماله البركة حتى اشتروا بقرته بملئ مشكها ذهبا.
قوله عزوجل : (قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ ؛) وفي مصحف عبد الله : (سل لنا ربّك يبيّن لنا). ومعنى الآية : (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما) سنّها؟. (قالَ) موسى : (إِنَّهُ) يعني الله عزوجل (يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ) لا كبيرة ولا صغيرة. وارتفع (فارض) و (بكر) بإضمار (هي) ؛ أي لا هي فارض ولا هي بكر.
قال مجاهد والأخفش : (الفارض : الكبيرة المسنّة الّتي لم تلد. والبكر : الفتيّة الصّغيرة الّتي لم تلد). قال السديّ : (البكر : الّتي لم تلد قطّ إلّا واحدا). وقيل : معناه لا فارض ؛ أي ليست بكبيرة قد ولدت بطونا كثيرة ، ولا بكرا ؛ أي لم تلد.
قوله تعالى : (عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ ؛) أي وسط بين الصغيرة والكبيرة قد ولدت بطنا أو بطنين ؛ وجمعها عون. قوله تعالى : (فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ) (٦٨) ؛ أي افعلوا ما تؤمرون به من الذّبح ، ولا تكثروا السؤال.
ثم عادوا في السؤال ف : (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها) ؛ موضع (ما) رفع بالابتداء ؛ و (لونها) خبره. وقرأ الضحّاك : (ما لونها) نصبا كأنه