فجمعوا الحليّ وكان السامريّ صائغا فاتخذ من ذلك عجلا ، فصار العجل جسدا له خوار ، فعبدوه فذلك قوله تعالى : (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) (٥١).
قال ابن عباس : (فصار عجلا له لحم ودم وشعر). وقيل : جعل فيه خروقا فكان الريح تقع في تلك الخروق فيسمع منها مثل الخوار ، فأوهمهم أن ذلك الصوت خواره. وقوله تعالى : (مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) أي من بعد انطلاق موسى إلى الجبل ، (وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) أي ضارّون لأنفسكم بالمعصية ؛ واضعون العبادة في غير موضعها.
وفي قوله : (واعَدْنا) خلاف بين القرّاء ؛ فقرأ أبو عمرو ويعقوب : (وعدنا) بغير ألف في جميع القرآن. وقرأ الباقون بالألف ؛ وهي قراءة ابن مسعود. فمن قرأ بغير ألف ؛ قال : لأنّ الله تعالى هو المنفرد بالوعد. والقرآن ينطق به كقوله : (وَعَدَ اللهُ)(١) و (إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِ)(٢) ونحوها. ومن قرأ بالألف فقال : قد تجيء المفاعلة من واحد ؛ كقولهم : عاقبت اللّصّ ؛ وعافاك الله ؛ وطارقت النعل ؛ وسافر ؛ ونافق.
قال أهل اللغة : الوعد في الخير ؛ والوعيد في الشّرّ ؛ قال الشاعر (٣) :
وإنّي إذا أوعدته أو وعدته |
|
لمخلف إيعادي ومنجز وعدي |
والعجل والعجول : ولد البقرة.
إنّما قرن التاريخ بالليل دون النهار ؛ لأن العرب وضعت التاريخ على سنين القمر ؛ وإنّما يهلّ بالليل. وقيل : لأن الظلمة أقدم من الضوء ؛ والليل خلق قبل النهار ؛ قال الله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ)(٤).
__________________
(١) النور / ٥٥.
(٢) إبراهيم / ٢٢.
(٣) البيت لعامر بن الطفيل كما في لسان العرب (وعد).
وإنّي ، إن أوعدته أو وعدته |
|
لأخلف إيعادي وأنجز موعدي |
يقال : وعدته خيرا ، ووعدته شرّا ؛ فإذا لم يذكر واحدا منهما قلت : في الخير : وعدته ، وفي الشر : أوعدته. قاله الهروي في الغريبين.
(٤) يس / ٣٧.