(وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) ، ثمّ قال : (لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) الآية (١) ، فهذا قوله : (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ)). وقيل : معناه : أوفوا إليّ بشرط العبوديّة أوف بشرط الرّبوبيّة.
وقال أهل الإشارة : أوفوا بعهدي في دار محنتي بحفظ حرمتي أوف بعهدكم في دار نعمتي على بساط كرامتي بقربي ورؤيتي.
قوله تعالى : (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) (٤٠) ، أي خافوني في نقض العهد.
قوله تعالى : (وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ) ، يعني القرآن ، (مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ) ؛ أي موافقا لما معكم من التّوراة والإنجيل وسائر الكتب في التّوحيد والنبوّة وبعض الشرائع. نزلت في كعب بن الأشرف وأصحابه من علماء اليهود ورؤسائهم. (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) ؛ أي لا تكونوا أوّل من يكفر بالقرآن فيتابعكم اليهود على ذلك.
وقوله تعالى : (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) ؛ وذلك أنّ علماء اليهود ورؤساءهم كانت لهم مآكل يصيبونها من سفلتهم وعوامّهم ؛ يأخذون منهم شيئا معلوما كلّ عام من زرعهم وضروعهم ونقودهم ؛ فخافوا أنّهم إن سمعوا محمّدا صلىاللهعليهوسلم وتابعوه وآمنوا به تفوتهم تلك المآكل والرئاسة واختاروا الدّنيا على الآخرة. والهاء في قوله (كافِرٍ بِهِ) عائدة إلى ما أنزلت على محمّد ؛ ويجوز أن تكون عائدة إلى قوله : (لِما مَعَكُمْ) لأنّهم كتموا نعت محمّد صلىاللهعليهوسلم وصفته في التّوراة ؛ فإذا كفروا بالقرآن فقد كفروا بالتوراة. وقوله تعالى : (وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ) (٤١) ؛ أي فاخشون في أمر محمّد صلىاللهعليهوسلم ولا ما يفوتكم من الرئاسة والمآكل.
قوله عزوجل : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ) ، قال مقاتل : (وذلك لأنّ اليهود أقرّوا ببعض صفة محمّد صلىاللهعليهوسلم وكتموا بعضها ليصدّقوا في ذلك ؛ فقال الله تعالى : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ) الّذي تقرّون به وتبيّنونه (بِالْباطِلِ) ، الّذي تكتمونه. فالحقّ
__________________
(١) المائدة / ١٢ : (.. وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ).