جمع ؛ نظيرها قوله تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها)(١). والعدد لا يقع على الواحد.
وقوله تعالى : (أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) أي على أجدادكم وأسلافكم ؛ وذلك أن الله تعالى فلق لهم البحر فأنجاهم من فرعون وأهلك عدوّهم وأورثهم ديارهم وأموالهم وظلّل عليهم الغمام في التيه تقيهم حرّ الشمس ، وجعل لهم عمودا من نور يضيء لهم بالليل ؛ إذا لم يكن ضوء القمر ، وأنزل عليهم المنّ والسلوى ، وفجّر لهم اثني عشر عينا ؛ وأنزل عليهم التوراة فيها بيان كلّ شيء يحتاجون إليه في دينهم ودنياهم ، فهذه نعم من الله كثيرة لا تحصى.
وقوله تعالى : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي) ؛ أي الذي عهدت إليكم في التوراة ، (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) ، أي أدخلكم الجنة وأنجز لكم ما وعدتكم. وقرأ الزهري : (أوفّ) بالتشديد على التأكيد ؛ يقال : وفى ووافى ووفّى بمعنى واحد. قيل : إن الله تعالى كان قد عهد إلى بني إسرائيل في التّوراة : إنّي باعث من بني إسماعيل نبيّا أمّيا فاتبعوه ، فمن تبعه وصدّق بالنور الذي يأتي به غفرت له ذنوبه وأدخلته الجنة وجعلت له أجرين ؛ أجرا باتّباعه ما جاء به موسى والأنبياء من بني إسرائيل ؛ وأجرا باتباعه ما جاء به محمّد صلىاللهعليهوسلم.
وقال قتادة : (هو العهد الّذي أخذه الله عليهم في قوله : (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) إلى قوله : (قَرْضاً حَسَناً) فهذا قوله
__________________
ـ (٩١١٩) وإسناده ضعيف.
ونقل السيوطي في الدر المنثور : ج ٨ ص ٥٤٦ ؛ قال : «وأخرج أحمد وأبو داود عن جابر ابن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [من أعطي عطاء فوجده فليجز به ، فإن لم يجد فليثن به ، فمن أثنى به فقد شكره ، ومن كتمه فقد كفره]».
رواه أبو داود في السنن : كتاب الأدب : باب شكر المعروف : الحديث (٤٨١٣) وفي إسناده من يكره فأبهم ، وأخرجه بإسناد آخر ولفظ قريب [من أبلى بلاء فذكره] : الحديث (٤٨١٤) وإسناده حسن ، ولعله يقوى به.
(١) إبراهيم : ٣٤.