وقال بعضهم : سجدوا على الحقيقة ؛ جعل آدم قبلة لهم ؛ والسجود لله كما جعلت الكعبة قبلة لصلاة المؤمنين والصلاة لله عزوجل. وإنّما سمّي آدم لأنه خلق من التّراب ؛ والتراب بلسان العبرانيّة آدم بالمدّ ؛ ومنهم من قال : سمّي بذلك لأنه كان آدم اللّون. وكنيته : أبو محمّد ؛ وأبو البشر.
وقوله : (إِلَّا إِبْلِيسَ) منصوب على الاستثناء ؛ ولا ينصرف للعجمة والمعرفة. وقوله تعالى : (وَاسْتَكْبَرَ) أي تكبّر وتعظّم عن السجود لآدم.
وقوله تعالى : (وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) أي وصار من الكافرين كقوله تعالى : (فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ)(١). وقال أكثر المفسّرين : معناه : وكان في علمه السابق من الكافرين الذين وجبت لهم الشقاوة. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [إذا قرأ ابن آدم السّجدة وسجد ، اعتزل الشّيطان يبكي ؛ ويقول : يا ويله أمر ابن آدم بالسّجود فسجد فله الجنّة ؛ وأمرت بالسّجود فأبيت فلي النّار](٢).
قوله عزوجل : (وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) ؛ وذلك أنّ آدم كان في الجنّة وحشيّا ؛ لم يكن له من يجالسه ويؤانسه ؛ فنام نومة فخلق الله تعالى زوجته حوّاء من قصيراه ؛ من شقّه الأيسر من غير أن أحسّ آدم بذلك ولا وجد له ألما ؛ ولو ألم من ذلك لما عطف رجل على امرأة ؛ فلمّا هبّ آدم من نومه إذ هو بحوّاء جالسة عند رأسه كأحسن ما خلق الله. قال لها : من أنت؟ قالت : زوجتك! خلقني الله لك.
__________________
ـ بقبري ؛ أكنت تسجد له؟] قلت : لا. قال : [لا تفعلوا ، لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت النّساء أن يسجدن لأزواجهنّ لما جعل الله لهم عليهنّ من حقّ]. رواه أبو داود في السنن : كتاب النكاح : الحديث (٢١٤٠). والحاكم في المستدرك : كتاب النكاح : باب التشديد في العدل بين النساء : الحديث (٢٨١٧). وفي إسناده شريك بن عبد الله بن أبي شريك القاضي ، صدوق ثقة ، سيء الحفظ ، ترجم له ابن حجر في تهذيب التهذيب : الرقم (٢٨٦٤).
(١) هود : ٤٣.
(٢) الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه ؛ رواه مسلم في الصحيح : كتاب الإيمان : باب إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة : الحديث (١٣٣ / ٨١). وابن ماجة في السنن : كتاب إقامة الصلاة : باب سجود القرآن : الحديث (١٠٥٢).