فقالت الملائكة عند ذلك امتحانا له : ما هذه يا آدم؟ قال : امرأة ، قالوا : وما اسمها؟ قال : حوّاء ، قالوا : ولم سمّيت حوّاء. قال : لأنّها خلقت من حيّ ، قالوا : يا آدم أتحبّها؟ قال : نعم ، قالوا لحوّاء : أتحبينه يا حوّاء؟ قالت : لا ، وفي قلبها أضعاف ما في قلبه من حبه ، فلو صدقت امرأة في حبها لزوجها لصدقت حوّاء.
قوله تعالى : (وَكُلا مِنْها رَغَداً) ؛ أي واسعا كثيرا ، (حَيْثُ شِئْتُما) ؛ وأين شئتما وكيف شئتما ، (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) ؛ قيل : هي الكرم ؛ وقيل : التين ؛ وقيل : شجرة من أحسن أشجار الجنّة عليها كلّ نوع من أطعمة الجنّة ؛ ثمرها مثل كلية البقرة ؛ ألين من الزّبد ؛ وأحلى من الشّهد ؛ وأشدّ بياضا من اللّبن.
قوله تعالى : (فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) (٣٥) ، أي فتصيرا من الضارّين لأنفسكما بالمعصية ؛ وأصل الظّلم : وضع الشّيء في غير موضعه.
قوله تعالى : (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها) ؛ أي عن الجنّة ؛ ومعنى أزلّهما استزلّهما ، وقراءة حمزة : (فأزالهما الشّيطان) وهو إبليس ؛ وهو فيعال من شطن ؛ أي بعد ، سمّي بذلك لبعده عن الخير وعن رحمة الله. وقوله عزوجل : (فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ) ؛ أي من النّعيم.
وذلك أنّ إبليس أراد أن يدخل الجنّة ليوسوس لآدم ؛ فمنعه الخزنة ؛ فأتى الحيّة وكانت من أحسن الدّواب لها أربع قوائم كقوائم البعير ، وكانت من خزّان الجنة ؛ ولإبليس صديقا ، فسألها أن تدخله في فمها فأدخلته في فمها ؛ ومرّت به على الخزنة وهم لا يعلمون. فلما دخل الجنّة وقف بين يدي آدم وحوّاء فناح عليهما نياحة وبكى ؛ وهو أوّل من ناح. فقالا له : ما يبكيك؟ قال : أبكي عليكما تموتان وتفارقان ما أنتما فيه من النعيم والكرامة. فاغتمّا لذلك! فقال : يا آدم هل أدلّك على شجرة الخلد؟ فأبى أن يقبل منه. فقاسمهما بالله إنّي لكما من الناصحين. فاغترّا. وما كانا يظنّان أن أحدا يحلف بالله كاذبا. فبادرت حوّاء إلى أكل الشجرة ؛ ثم ناولت آدم حتى أكلها (١).
__________________
(١) أصله عن وهب بن منبه يحكيه ، أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٦١٩). وروي عن ابن عباس ، أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٦٢٠).