إلى أنه من أولاد الجانّ ؛ لأنه مخلوق من نار وله ذرية ، والملائكة من نور وليس لهم ذرية. فعلى هذا يكون مستثنى منقطعا ؛ مثل قوله تعالى : (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ)(١).
وقيل : سبب كونه مع الملائكة : إن الملائكة لمّا حاربت الجنّ سبوا إبليس صغيرا فنشأ معهم ؛ فلما أمرت الملائكة بالسّجود امتنع وكفر وعاد إلى أصله.
وقوله تعالى : (اسْجُدُوا لِآدَمَ) هو سجود تعظيم وتحيّة لا سجود صلاة وعبادة ؛ نظيره في قصّة يوسف عليهالسلام : (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً)(٢) وكان ذلك تحيّة الناس وتعظيم بعضهم بعضا ؛ ولم يكن وضع الوجه على الأرض وإنّما كان الانحناء. فلما جاء الإسلام أبطل ذلك بالسّلام ؛ وفي الحديث : أنّ معاذ بن جبل لمّا رجع من اليمن سجد لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فتغيّر وجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : [ما هذا؟] قال : رأيت اليهود يسجدون لأحبارهم والنّصارى يسجدون لقسّيسهم. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [مه يا معاذ! كذب اليهود والنّصارى ؛ إنّما السّجود لله عزوجل](٣).
__________________
(١) النساء : ١٥٧.
(٢) يوسف : ١٠٠.
(٣) رواه الطبراني في المعجم الكبير : ج ٨ ص ٣١ : الحديث (٧٢٩٤) بلفظ : [كذبوا على أنبيائهم كما حرّفوا كتابهم ، لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد ، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها] ، وفيه النهّاس بن قهم القيسي ، أبو الخطاب البصري ، ضعيف ، ترجم له ابن حجر في تهذيب التهذيب : الرقم (٧٤٧٧).
في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : كتاب النكاح : باب حق الزوج على المرأة : ج ٤ ص ٣٠٩ ؛ قال الهيثمي : «رواه البزار بإسنادين والطبراني ، وأحد إسنادي البزار رجاله رجال الصحيح». وقال : «رواه بتمامه البزار وأحمد باختصار ورجاله رجال الصحيح».
والحديث صحيح وله شواهد وردت في حديث جماعة من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ، منها حديث أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر ، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقّه عليها]. رواه النسائي في السنن الكبرى : كتاب عشرة النساء : حق الرجل على المرأة : الحديث (٩١٤٧ / ١).
ومنها حديث قيس بن سعد رضي الله عنهما قال : أتيت الحيرة ، فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم ، فقلت : رسول الله أحقّ أن يسجد له ، فأتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقلت : إني أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم ، فأنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم أحقّ أن يسجد لك؟ قال : [أرأيت لو مررت