يسوقها كما يسوق الرّاعي الإبل) (١). وقال شهر بن حوشب : (هو ملك يزجر السّحاب كما يزجر الرّاعي الإبل). والصواعق أيضا المهالك ؛ وهي جمع صاعقة ؛ والصاعقة والصّامعة (٢) والمصعمة (٣) : كالهلاك. ومنه قيل : صعق الإنسان إذا غشي عليه ؛ وصعق إذا مات.
قوله تعالى : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ) ؛ أي مخافة الموت. وهو نصب على المصدر. وقيل : بنزع الخافض. وقرأ قتادة : (حذير الموت). قوله تعالى : (وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ) (١٩) ؛ أي عالم بهم ؛ يدلّ عليه قوله تعالى : (وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً)(٤). وقيل : معناه : والله مهلكهم وجامعهم في النار ؛ دليله (أَنْ يُحاطَ بِكُمْ)(٥) أي تهلكوا جميعا.
قوله عزوجل : (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ) ؛ أي يختلس أبصار المسافرين من شدّة ضوئه ؛ كذلك البيان من القرآن يكاد يذهب بأبصار المنافقين ؛ فيأخذهم إلى الله لمّا قلبوا الدين. ومعنى (يكاد) أي يقرب من ذلك ولم يفعل (٦). وقرأ ابن أبي
__________________
(١) بلفظ قريب منه أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٣٦٤).
(٢) الصّامعة : الأصمع : الصغير الأذن ، والسيف القاطع ، والمترقي أشرف المواضع. وله معاني أخرى ، جمعها صمعان. والأصمع : القلب الذكي المتيقظ ، فيقال : قلب أصمع : ذكي متوقد فطن ، وهو كذلك الرأي الحازم. والأصمعان : القلب الذكي والرأي العازم. والصومعة من البناء : سميت صومعة لتلطيف أعلاها. والصومعة أيضا : منار الراهب ، وصومعها : دقّق رأسها ، والشيء جمعه. لسان العرب (صمع). وترتيب القاموس المحيط.
(٣) المصعمة : من مصع البرق أي أومض ، ومصع فلانا ضربه بالسيف ، والمصع التحريك والضرب. وقيل : معناه : عدوّ شديد. ومرّ يصمع ؛ أي يسرع. وسئل أعرابي عن البرق فقال : مصعة ملك ؛ أي يضرب السحاب ضربة فترى النيران. والماصع : البرّاق ، وقيل : المتغيّر. ومصعه بالسّوط : أي ضربه ، قال الطبري : «ويكون إزجاء الملك السحاب مصعه إياه بها ، وذاك أن المصاع عند العرب أصله المجالدة بالسيوف ، ثم تستعمله في كل شيء جولد به في حرب وغير حرب».
(٤) الطلاق / ١٢.
(٥) يوسف / ٦٦.
(٦) يكاد : مضارع (كاد) وهي لمقاربة الفعل ، تعمل عمل (كان) إلا أن خبرها لا يكون إلا مضارعا ، وشذّ غيره. والأكثر في خبرها تجرّده من (أن) عكس (عسى) لأنّها لمقاربة الفعل ، وإذا كانت