القرآن ووعده ووعيده وما فيه من الدّعاء إلى الجهاد مخافة أن يقتلوا في الجهاد. ويقال : مخافة أن تميل قلوبهم إلى ما في القرآن.
وعن الحسن أنه قال : (في الآية تشبيه الإسلام بالصّيّب ؛ لأنّ الصّيّب يحيي الأرض ، والإسلام يحيي الكفّار. قال الله تعالى : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ)) (١). وقوله تعالى : (كصيّب) أي كأصحاب الصّيّب ؛ لاستحالة تشبيه الحيوان بالصّيب تمثيل العاقل بغير العاقل.
وقوله تعالى : (مِنَ الصَّواعِقِ) جمع صاعقة : وهي صوت وبرق فيه قطعة من النار لا تأتي على شيء إلا أحرقته. وقوله تعالى : (مِنَ السَّماءِ) كل ما علاك فهو سماء ؛ والسماء تكون واحدا وجمعا ، قال الله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ)(٢). وقيل : هو جمع واحده : سماوة ؛ والسّموات جمع الجمع ، مثل جرادة وجراد وجرادات. والسّماء تذكّر وتؤنّث ، قال الله تعالى : (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ)(٣) و (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ)(٤).
وقوله تعالى : (فِيهِ ظُلُماتٌ) أي في الصيّب ؛ وقيل في الليل : كناية عن غير مذكور. وظلمات : جمع ظلمة ؛ وضمّه اللام على الاتباع لضمة الظاء. وقرأ الأعمش : (ظلمات) بسكون اللام على أصل الكلام ؛ لأنّها ساكنة في التوحيد. وقرأ أشهب العقيلي : (ظلمات) بفتح اللام ؛ لأنه لمّا أراد تحريك اللام حرّكها إلى أخفّ الحركات ؛ كقول الشاعر :
فلمّا رأونا باديا ركباننا |
|
على موطن لا تخلط الجدّ بالهزل |
قوله تعالى : (وَرَعْدٌ) الرعد : هو الصوت الذي يخرج من السحاب ، (وَبَرْقٌ) وهي النار التي تخرج منه. قال مجاهد : (الرّعد : ملك يسبح بحمده ؛ ويقال لذلك الملك : رعد ، ولصوته أيضا رعد). وقال عكرمة : (الرّعد : ملك موكّل بالسّحاب
__________________
(١) الأنعام / ١٢٢.
(٢) البقرة / ٢٩.
(٣) المزمل / ١٨.
(٤) الانفطار / ١.