ومعتّب بن قشير (١) ؛ وجدّ بن قيس (٢) ومن تابعهم ، كانوا يقولون للصّحابة : آمنّا بالذي آمنتم به ونشهد أنّ صاحبكم صادق ؛ وليس هم كذلك في الباطن إذا خلوا ، وكانوا يقولون فيما بينهم : هذه خلّة نسلم بها عن محمّد وأصحابه ونكون مع ذلك
__________________
(١) معتّب بن قشير بن مليل العطّاف ، وهو ممن شهد بدرا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال ابن هشام : «معتّب بن قشير ، وثعلبة والحارث ابنا حاطب ، وهم من بني أمية بن زيد من أهل بدر ، ليسوا من المنافقين فيما ذكر لي من أثق به من أهل العلم» وقال : «وأخبرني من أثق به من أهل العلم أن معتّب بن قشير لم يكن من المنافقين ، واحتج بأنه كان من أهل بدر». السيرة النبوية : ج ٢ ص ١٦٩ و ١٧٢ و ٣٤٤ ، وج ٣ ص ٢٣٣.
وفيه نظر ؛ لأنه كان أحد الذين بنوا المسجد الظّالم أهله مسجد الضرار ، قال ابن هشام : «وكان الذين بنوه اثني عشر رجلا» منهم قال : «معتب بن قشير». السيرة النبوية : ج ٤ ص ١٧٤.
وفي السيرة النبوية : من اجتمع إلى يهود من منافقي الأنصار : ج ٢ ص ١٦٩ ؛ قال ابن هشام : «وكان ممن بنى مسجد الضرار ثعلبة بن حاطب ، ومعتب بن قشير ، وهما اللذان عاهدا الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين إلى آخر القصة ، ومعتب الذي قال يوم أحد : لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا ، فأنزل الله تعالى في ذلك قوله : (وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ ...) إلى آخر القصة. وهو الذي قال يوم الأحزاب : كان محمّد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر ، وأحدنا لا يأمن أن يذهب إلى الغائط! فأنزل الله عزوجل : (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ ... غُرُوراً.) وفي ج ٢ ص ١٧٢ ـ ١٧٣ ؛ ذكر ابن هشام قصة تحاكمه إلى الكهان حكّام الجاهلية. قلت : ولعل هذا كله قبل توبته ، والله أعلم.
(٢) الجد بن قيس من بني سلمة ، وكان أول ذكراه حين سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم [من سيّدكم يا بني سلمة؟] قالوا : الجدّ بن قيس ؛ على بخله! فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [وأيّ داء أكبر من البخل! سيّد بني سلمة الأبيض الجعد بشر بن البراء]. السيرة النبوية لابن هشام : ج ٢ ص ١٠٤. وذكر في مواطن النفاق إذ يقول : يا محمّد ائذن لي ولا تفتنّي ، فأنزل الله تعالى فيه : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) [التوبة : ٤٩] إلى آخر القصة. السيرة النبوية : ج ٢ ص ١٧٣. وتخلف عن بيعة الرضوان ، يقول ابن اسحق : «عن جابر رضي الله عنه يقول : [إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لم يبايعنا على الموت ، ولكن بايعنا على أن لا نفرّ] فبايع رسول الله صلىاللهعليهوسلم الناس ولم يتخلّف عنه أحد من المسلمين حضرها إلا الجدّ بن قيس أخو بني سلمة ، فكان جابر بن عبد الله يقول : (والله لكأني أنظر إليه لاصقا بإبط ناقته قد ضبأ إليها يستتر بها من الناس) ..». السيرة النبوية : ج ٣ ص ٣٣٠. وعليه مواقف تشهد له بالنفاق ، والله أعلم.