أغلقها وأقفلها ؛ فليست تفقه خيرا ولا تفهمه. (وَعَلى سَمْعِهِمْ) فلا يسمعون الحقّ ولا ينتفعون به ؛ وإنّما وحّده وقد تخلّل بين جمعين ؛ لأنه مصدر ؛ والمصدر لا يثنى ولا يجمع. وقيل : أراد سمع كلّ واحد منهم كما يقال : أتاني برأس كبشين ؛ أراد برأس كلّ واحد منهما. وقال سيبويه : (توحيد السّمع يدلّ على الجمع ؛ لأنّه توسّط جمعين) كقوله تعالى : (يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ)(١) وقوله تعالى : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ)(٢) يعني الأنوار والإيمان ؛ وقرأ ابن عبلة : (وعلى أسماعهم).
وتمّ الكلام عند قوله : (وَعَلى سَمْعِهِمْ) ثم قال : (وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ). أي غطاء وحجاب فلا يرون الحقّ. وقرأ المفضّل بن محمّد : (غشاوة) بالنصب ؛ كأنه أضمر فعلا أو جملة على الختم ؛ أي ختم على أبصارهم غشاوة ، يدلّ عليه قوله تعالى : (وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً)(٣). وقرأ (غشاوة) بضمّ الغين. وقرأ الجحدريّ : (غشاوة) بفتح الغين. وقرأ أصحاب عبد الله : (غشوة) بفتح الغين بغير ألف. ومن رفع (غشاوة) فعلى الابتداء.
قوله تعالى : (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٧) ، يعني القتل والأسر. وقال الخليل : (العذاب ما يمنع الإنسان من مراده). وقيل : هو إيصال الألم إلى الحيّ مع الهوان به ؛ ولهذا لا يسمّى ما يفعل الله بالبهائم والأطفال عذابا ؛ لأنه ليس على سبيل الهوان.
قوله عزوجل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) (٨) ، نزلت هذه الآية في المنافقين : عبد الله بن أبي بن أبي سلول ؛
__________________
(١) البقرة / ٢٥٧.
(٢) المعارج / ١٧.
(٣) الجاثية / ٢٣.