المضاف (١) ؛ أي يا مالك يوم الدّين. وقرأ أنس بن مالك : (ملك يوم الدّين) جعله فعلا ماضيا (٢).
قوله عزوجل : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (٥). لا يحسن إدخال (إيّاك) في غير المضمرات. وحكي عن الخليل : (إذا بلغ الرّجل السّتّين فإيّاه ؛ وإيّا الشّواب). فأضافه إلى ظاهر ؛ وهو قبيح مع جوازه ولا يكون إلّا إذا تقدّم ، فإن تأخّر ؛ قلت : نعبد ؛ ولا يجوز : نعبد إياك. فإن قيل : لم قدّم (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) وهلّا قال : نعبدك؟ قيل : إنّ العرب إذا ذكرت شيئين قدّمت الأهمّ فالأهمّ ؛ ذكر المعبود في هذه الآية أهمّ من ذكر العبادة فقدّمه عليها.
والكاف من (إيّاك) في موضع خفض بمنزلة عصاك ؛ وأجاز الفرّاء : أن تكون في موضع نصب ؛ فكأنه جعل (إيّاك) بكماله ضمير المنصوب. فإن قيل : لم عدل عن المغايبة إلى المخاطبة؟ قلنا : مثله كثير في القرآن ؛ قال الله تعالى : (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ)(٣).
__________________
ـ كل ملك مالك ، وليس كل مالك ملكا ، ولأن أمر الملك نافذ على المالك في ملكه حتى لا يتصرف إلا عن تدبير الملك ، قاله أبو عبيد والمبرد». ثم قال : «وقيل : مالك أبلغ ، لأنه يكون مالكا للناس وغيرهم ، فالمالك أبلغ تصرفا وأعظم ، إذ إليه إجراء قوانين الشرع ، ثم عنده زيادة التملك». ينظر : الحجة للقراءات السبعة : ج ١ ص ٣٣ قول أحمد بن يحيى المعروف بثعلب.
(١) رواه داود في كتاب المصاحف : ص ١٠٤ ـ ١٠٥ ، طبعة دار الكتب العلمية. وأخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين : كتاب التفسير : الحديث (٢٩١١ / ٤٠) وقال : «إسناد صحيح على شرطهما». وانتبه أن في المطبوع تصحيفا يحتاج إلى الضبط ، والحظ قول السيوطي في الدر المنثور : ج ١ ص ٣٦ قال : «وذهب الإمام الطبري إلى منعها ، قال : (فقراءة : مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ، محظورة غير جائزة ، لإجماع جميع الحجة من القراء وعلماء الأمة على رفض القراءة بها) ..».
ينظر : جامع البيان : ج ١ ص ١٠١.
(٢) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١ ص ١٣٩ ـ ١٤٠ ؛ قال القرطبي : «قرأ محمّد بن السّميقع بنصب (مالك) ؛ وفيه أربع لغات : مالك ؛ وملك ؛ وملك ـ مخففة من ملك ـ ومليك».
(٣) يونس : ٢٢.