وقوله : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (٣). قد تقدّم تفسيره.
وقوله عزوجل : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (٤). أي يوم الحساب ؛ فإن قيل : لم خصّ يوم الدّين ؛ وهو ملك الدّنيا والآخرة؟ قيل : لأن الله تعالى لا ينازعه أحد في ملكه ذلك اليوم ؛ كما قال تعالى : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ)(١).
قرأ عاصم (٢) والكسائي (٣) : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) بالألف (٤) ؛ والباقون بغير ألف. قال أهل النّحو : (ملك) أمدح من (مالك) لأن المالك قد يكون غير ملك ولا يكون الملك إلا مالكا (٥). وروي أنّ أبا هريرة رضي الله عنه كان يقرأ : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) على النّداء
__________________
ـ وأخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء : ج ٤ ص ٧٠ بإسناده عن وهب بن منبّه قال : «إن لله تعالى ثمانية عشر ألف عالم ، الدنيا منها عالم واحد ، وما العمارة في الخراب إلا كفسطاط في الصحراء».
وأبو العالية هو البراء البصري مولى قريش ، واسمه زياد بن فيروز ، روى عن ابن عباس وغيره. قال العجيلي : «بصري ، تابعي ، ثقة». ترجم له ابن حجر في تهذيب التهذيب : الرقم (٨٤٧٩).
وأما وهب بن منبه أبو عبد الله الأنباويّ ، روى عن أبي هريرة وابن عباس وغيرهما كثير ، قال العجيلي : «تابعي ثقة». ترجم له ابن حجر في تهذيب التهذيب : الرقم (٧٧٦٧).
(١) غافر : ١٦.
(٢) عاصم بن بهدلة : هو ابن أبي النجود الأسدي ، مولاهم الكوفي ؛ أبو بكر المقرئ. توفي سنة ثمان وعشرين ومائة. قال العجلي : «كان صاحب سنة وقراءة ، وكان ثقة ، رأسا في القراءات». قال ابن حجر : «أخرج له الشيخان مقرونا بغيره». وترجمته في تهذيب التهذيب : الرقم (٣١٣٧).
(٣) علي بن حمزة بن عبد الله الأسدي ، مولاهم الكوفي الكسائي. مات سنة ثمانين ومائة. قال ابن حجر : «أحد أئمة القراءة والتجويد في بغداد ، أخذ القراءة عن حمزة الزيات ، وقرأ عليه القرآن أربع مرات ، وأخذها أيضا عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وغيرهما». وقال أيضا : «قال خلف بن هشام : كنت أحضر قراءته والناس ينقطون مصاحفهم على قراءته ، وله من الكتب معاني القرآن ، وكتاب في النحو ، وكتاب النوادر الكبير ، وغير ذلك. وأثنى عليه الشافعي في النحو». ترجم له في تهذيب التهذيب : الرقم (٤٨٦٧).
(٤) وكذا قرأ يعقوب وخلف بالألف مدا. ينظر النشر في القراءات العشر لابن الجزري : ج ١ ص ٢١٣.
(٥) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١ ص ١٤٠ قال القرطبي : «فقيل : ملك أعمّ وأبلغ من مالك ، إذ