وتكمن سرائر الإعجاز القرآني في منهاجيته الشاملة في المعالجة والحلول ، وفي ديمومة هذا الإعجاز إلى أن يرث الله الأرض ، ومن عليها ؛ غايته القصوى هداية البشرية ، وسعادتها في الدارين الأولى ، والآخرة.
فالقرآن أعجز العرب بيانا ، وعلما ، وحقائق ، وغيبيات ، وتشريعات ، وتكاليف ، وفرائض ؛ فأدهش العقول ، وحيّر العلماء ، وأعجز المشرعين ، وأقحم العرّافين حتى قطع بلا شك عندهم أنّ القرآن هو من عند الله العزيز الحكيم.
قال تعالى : (حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (١).
وقال تعالى : (حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (٢).
وقال تعالى : (تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (٣).
وهذا سر إعجاز القرآن ؛ فلو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.
قال تعالى : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (٤).
سئل الإمام الغزالي عن معنى الآية ، فقال : «الاختلاف لفظ مشترك بين معان ، وليس المراد نفي اختلاف النّاس فيه بل نفي الاختلاف عن ذات القرآن ... وهو مسوق لمعنى واحد هو دعوة الخلق إلى الله تعالى ، وصرفهم عن الدنيا إلى الدين ، وكلام الآدميين تتطرق إليه الاختلافات» (٥).
وتكمن سرائر الإعجاز القرآني في منهاجيته الشاملة في التشريع
__________________
(١) سورة الجاثية ، آية ١ ، ٢.
(٢) سورة غافر ، آية ١.
(٣) سورة الزمر ، آية ١.
(٤) سورة النساء ، آية ٨٢.
(٥) السيوطي ـ الإتقان ـ ج ٢ ص ١٢٤.