تحت شواهد التغيير ، والتحوير ، والإلغاء ، وهي ثابتة بثبوت أوجه الإعجاز اللغوي ، والعامي للقرآن الكريم.
لقد انطوت الحكمة الإلهية في الإعجاز القرآني على كبح جماح الطباع البشرية في اللغة ، والفصاحة ، والبيان ، وفي التشريع ، والمعالجة والتكليف.
فالقرآن كلّه معجز في بيانه ، وفي حقائقه ، وفي غيبيّاته ، وفي أخباره ، وفي تشريعاته ، وفي علومه. شواهده الكمال في التشريع ، والفصاحة في البيان ، وستظل شواهد الإعجاز القرآني سواء بالفصاحة في البيان ، أو المعالجة بالتشريع ، ما دامت قوة الخلق في الإبداع ، والكمال في الحلول في معزل عن قدرة المخلوق.
وما دامت قوة الخلق في الإبداع ، وديمومة الكمال في الحلول في متناول القدرة الإلهية لا يعجزها شيء في الوجود ، وهي تعجز كلّ شيء في الوجود.
قال تعالى : (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) سورة الكهف آية ١٠٩.
والقرآن في إعجازه تتحدى آياته أن يأتي العرب بمثله حديثا.
قال تعالى : (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ). سورة الطور آية ٣٤.
والقرآن في إعجازه تتعدى آياته التحدي بالمثلية البلاغية إلى التحدّي بالمثلية التشريعية. فالقرآن أساس العلوم الإلهية في الكتب السماوية كلّها فلم تكن معجزة ، وكان هو معجزا.
أخرج البيهقي عن الحسن قال : «أنزل الله مائة وأربعة كتب أودع علومها أربعة منها التوراة ، والإنجيل ، والزبور ، والفرقان ، ثمّ أودع علوم الثلاثة الفرقان» (١).
__________________
(١) السيوطي : الإتقان ـ ج ٢ ص ١٢٦.