مقابلة النصّ ، ثمّ إنّ بينهما فرقا ، وهو أنّ الصلاة والصوم عبادات مختصة بالفاعل ، وتعليم القرآن عبادة متعدّية لغير المعلم ، فتجوز الأجرة على محاولته النقل كتعليم كتاب القرآن.
قال ابن منذر (١) ، وابو حنفية : يكره تعليم القرآن بأجرة.
ثم قال القرطبي : أمّا الجواب عن الآية فالمراد بها بنو إسرائيل.
وشرع من قبلنا هل هو شرع لنا فيه خلاف ، وهو لا يقول به؟
جواب ثان ، وهو أن تكون الآية فيمن تعيّن عليه التعليم فأبى حتى يأخذ عليه أجرا ، فأمّا إذا لم يتعيّن فيجوز له أخذ الأجرة بدليل السنّة في ذلك ، وقد يتعيّن عليه إلّا ليس عنده ما ينفقه على نفسه ولا على عياله فلا يجب عليه التعليم ، وله أن يقبل على صنعته وحرفته ، ويجب على الامام أن يعين لإعانة الدين إعانته ، والّا فعلى المسلمين ...
وأما الجواب عن الأحاديث المتقدمة فليس شيء منها على ساق ، ولا يصحّ منها شيء عند أهل العلم بالنقل ، أما حديث ابن عباس فرواه سعيد بن طريف عن عكرمة (٢) عنه وسعيد متروك.
__________________
(١) هو محمد بن ابراهيم بن المنذر النيسابوري فقيه من الحفّاظ ، كان شيخ الحرم بمكّة المكرّمة له مصنّفات في الفقه والتفسير ولد سنة (٢٤٢) ه ، وتوفي بمكّة سنة (٣١٩) ه ، طبقات الشافعية : ج ٢ ص ١٢٦.
(٢) هو عكرمة بن عبد الله البربري مولى ابن عباس مات سنة (١٠٧) ترجمه غير واحد من اصحاب التراجم منهم ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب : ج ٧ ص ٢٢٨ الى ص ٢٣٤ وفيه : عن مصعب الزبيري قال : كان عكرمة يرى رأي الخوارج ، وكذّبه سعيد بن جبير ، وقال مالك بن انس في عكرمة : لا أرى لأحد أن يقبل حديثه ، وقال أبو الأسود : كان عكرمة قليل العقل خفيفا.