ولعلّه إليه يرجع ايضا ما هو المحكيّ عن الحكماء في تعريفها من انّها ملكة تمنع الفجور ناشئة من العلم بمثالب المعاصي ومناقب الطّاعات وتتأكّد في الأنبياء بتتابع الوحي إليهم بالأوامر الدّاعية إلى ما ينبغي والنواهي الزاجرة عمّا لا ينبغي.
وربما يزاد فيه بعد قوله : تمنع الفجور منعا غير سالب للقدرة ، بل قد يورد عليه بانّ قولهم ناشئة من العلم ليس بشيء لأنّ العلم لا يثمر تلك الملكة إلّا أن يراد به العلم الحقيقي وهو المقترن بالعمل بحيث لا يتخلّف عنه في حال ، فحينئذ يكون صورة للعصمة ، ومادّتها طلب الله سبحانه من المكلّف وهدايته ، وروحها ذلك اللّطف.
وعلى هذا يكون هذا التعريف مع اعتبار القيد أقرب لاشتماله على جنس القريب ، إلّا انّه لا يخفى أنّ أمثال هذه التعاريف إنّما هو الكشف عن نوع المعنى ، والإشارة إلى ما ينتقل منه إليه ، وان لم يشتمل على الاجزاء الحقيقيّة من الجنس والفصول المميّزة ، بل ولم يسلم طردا وعكسا على حدّ سائر التّعاريف العرفيّة والبيانات اللّغويّة ، بل وكثير من البيانات الشرعيّة أيضا.
مثل ما رواه في «المعاني» بالإسناد عن موسى بن جعفر عن أبيه عن جدّه عن عليّ بن الحسين عليهمالسلام قال : الامام منّا لا يكون إلّا معصوما وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها فلذلك لا يكون إلّا منصوصا فقيل له يا ابن رسول الله فما معنى المعصوم؟ فقال عليهالسلام : هو المعتصم بحبل الله ، وحبل الله هو القرآن لا يفترقان إلى يوم القيامة ، والامام يهدي إلى القرآن ، والقرآن يهدي إلى الامام ، وذلك قول الله