القديم تعالى بالقدرة عليه فكأنّه عليهالسلام اخبر عن هذه الفائدة الجليلة وهو ان جوهر آدم وتأليفه كلّها من فعله سبحانه ، إلى غير ذلك من الوجوه الّتي لا ينبغي حمل الخبر عليها بعد استفاضة الاخبار من طرق الفريقين على خروجه على سبب خاص مذكور كما سمعت.
نعم قد روى الصدوق رحمهالله بالإسناد إلى محمّد بن مسلم قال سألت أبا جعفر عليهالسلام عمّا يروون انّ الله تعالى خلق آدم على صورته فقال عليهالسلام : هي صورة محدثة مخلوقة اصطفاها الله واختارها على سائر الصفة المختلفة فأضافها إلى نفسه كما أضاف الكعبة إلى نفسه وقال : (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) (١) ، وفيه دلالة على تشريف هذه الصورة (٢).
وربما يقال : إنّه قد روى إنّ ملائكة التصوير إذا أرادوا تصوير النطفة ذكرا او أنثى فيقولون : يا ربّ على أيّ صورة نصوّره ، فان كان ذكرا قال سبحانه : أحضروا صور آبائه إلى آدم وصوّروه مثل واحدة منها ، وإن كان أنثى قال أحضروا صور أمّهاتها إلى حوّاء وصوّروها على مثل صورة واحدة منها ، ومن ثمّ قال عليهالسلام : لا ينبغي لاحد أن يطعن في نسب ولده لأجل انّه لا يشبهه في الصورة فلعلّه إنّما صوّر مثل واحد من آبائه وهذا في غير أبينا آدم ، وامّا هو فليس فيه آباء ولا أمّهات حتّى يصوّر مثل واحدة منها بل خلق على تلك الصورة الّتي خلق عليها ، فقد تحصّل من جميع ما مرّ وجوه ثمانية في الخبر.
__________________
(١) الحجر : ٢٩ وص : ٧٢.
(٢) بحار الأنوار : ج ٤ ص ١٣ ح ١٥ عن التوحيد للصدوق.