بين الفاء الّتي هي حرف مهموس رخو وبينه من المناسبة ، والقصم بالقاف للكسر بشدّة لمناسبة للقاف الّتي هي حرف جهر وشدّة وقلقلة ، ووضع الفعلان بالتحريك لما يقتضي التقلّب والحركة كالطيران والجولان والغليان ، وهو ايضا كما ترى لانتفاء المناسبة الجزئيّة في كثير من المقامات ، ولذا وضعوا للضّدين والمتخالفين ونحوهما.
نعم ذكر الشيخ أحمد الأحسائي : أنّ هذا الحمل صلح منهم بغير رضى الخصمين ، ثمّ ذكر انّ الأصحّ ما ذهب إليه أهل المناسبة لما قرّره هو في معنى دلالة اللفظ حيث قال : كلّ اسم فله مادّة مخصوصة بينها وبين ما تراد له مناسبة نوعيّة بينه وبين ما تراد له مناسبة شخصيّة ، فإذا أراد وضع لفظ بإزاء معنى أخذ له من الحروف ما يناسبه وجعلها مادّة لاسم ذلك المعنى وركّب تلك الحروف على هيئة من التركيب في الحركات والسكنات والتقديم والتأخير تناسب ذلك المعنى كذلك ، وتلك الهيئة هي صورة ذلك الاسم فوضعه بإزاء ذلك المعنى فكان الاسم بتلك المادّة المخصوصة والهيئة المخصوصة دالّا للسامع العالم بالوضع على مسمّاه كما انك إذا اومأت إلى زيد بأن يأتي إليك أومأت اليه بهيئة الإقبال بأن تقبض أصابعك في الجملة مشيرا بها إليك فيضمّ بالمادة وهي حركة اليد والصورة وهي الإشارة له بيدك إليك كالجاذب له إرادة الإقبال ، ولو أردت انصرافه أومأت بيدك إليه بهيئة الدفع فيفهم بالحركة والهيئة إرادة الانصراف ، لأنّ هذه الهيئة في المادّة المخصوصة تدلّ المشار اليه على ما يراد منه ، فكذلك الإسم بالمادة والهيئة المخصوصتين يدلّ السّامع على معناه ، فحقيقة الدّلالة إرشاد اللفظ بمناسبة مادّته وصورته لفهم