اللّغات الّتي تكلّم بها ولده.
ولعلّ السبب في اختلاف ذريّته فيها بعد علمه عليهالسلام باللّغات كلّها انّه عليهالسلام علّم كلّ واحد من ولده لغة واحدة ثمّ بقيت تلك اللّغة في أعقابه او انّه علّم ولده باللّغات فكانوا يتكلّمون بها مدّة حياته حين كانوا مجتمعين فلمّا قبض تفرّقوا في نواحي الأرض وتكلّم كلّ منهم بلغة اختارها من بين اللّغات على حسب الطبع والميل والإقليم كما لا يخفى المناسبة بين اللّغات وأهلها ، على أنّ التكلّم بلغة واحدة أسهل من التكلّم بلغات مختلفة ، فغلبت على أولاده تلك اللّغة حتّى إذا انقرض القرن الأوّل منهم نسوا سائر اللغات ، فصار كلّ فريق منهم يتكلّم باللسان الغالب على أبيه.
وعن السيّد في سعد السعود قال : وجدت في صحف إدريس النّبي عليهالسلام عند ذكر احوال آدم ما هذا لفظه : حتّى إذا كان الثلث الأخير من اللّيل ليلة الجمعة لسبع وعشرين خلت من شهر رمضان انزل الله عليه كتابا بالسّريانيّة وقطع الحروف في احدى وعشرين ورقة وهو أوّل كتاب أنزل الله في الدّنيا أنزل الله عليه الألسن كلّها فكان فيه ألف ألف لسان لا يفهم فيه أهل لسان عن أهل لسان حرفا واحدا بغير تعليم فيه دلائل الله وفروضه وأحكامه وشرايعه وسننه وحدوده (١).
وفي محاضرة الأوائل عن مزهّر اللّغة للسيوطي : انّ اللسان الأوّل الّذي نزل به آدم من الجنّة عربي إلى أن بعد وطال العهد حرّف وصار سريانيّا ، وهو منسوب إلى أرض سورى (٢) وهي ارض الجزيرة كان بها نوح عليهالسلام وقومه قبل الغرق ، وكان
__________________
(١) سعد السعود للسيد ابن طاوس ص ٣٧.
(٢) سورى كطوبى : موضع بالعراق وهو من بلد السريانيّين كما في القاموس.