** (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) : المعنى : ذلكم المبدع الرازق هو الله ربكم فزاد أو كثر خيره ونما بره هو رب الكون كله وقد حذف المشار إليه المبدع .. الرازق» الصفة أو البدل من اسم الإشارة لأن ما قبله دال عليه ويفسره.
** (لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة والستين وذكر الفعل «جاء» مع الفاعل «البينات» المؤنث وذلك على تقدير «البينات» بمعنى «البيان» وهو لفظة مذكرة وقد حذف الموصوف اختصارا وهو «الآيات» بمعنى المعجزات وحلت الصفة «البينات» محلها بمعنى الواضحات.
** (وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) : المعنى وأمرت أن استسلم لله رب العالمين أي الخلائق أجمعين ولم يذكر الموصوف لفظ الجلالة اختصارا لأنه معلوم ـ لا يلبس ـ وأقيمت الصفة أو البدل «الرب» مقامه.
** سبب نزول الآية : أخرج جويبر عن ابن عباس : إن الوليد بن المغيرة وشيبة بن ربيعة قالا : يا محمد ارجع عما تقول بدين آبائك فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة.
** (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة والستين بمعنى : ومنكم من يتوفى قبل الشيخوخة وبعد حذف المضاف إليه «الشيخوخة» بني المضاف «قبل» على الضم لانقطاعه عن الإضافة. ووردت كلمة «طفلا» وهي بمعنى «أطفالا» لأن هذه اللفظة يستوي فيها المفرد والجمع بمعنى ويخرج كل واحد منكم طفلا من بطون أمهاتكم. و «أشدكم» بمعنى : غاية نموكم .. ولفظة «أشد» لفظة مفردة على وزن الجمع. و «الأجل المسمى» هو يوم القيامة .. وقيل : هو الموت ووردت كلمة «أجل» مجرورة بالحرف «إلى» نحو قوله تعالى : (كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) أي كل واحد من الشمس والقمر يجري في فلكه ويقطعه في وقت معلوم : الشمس إلى آخر السنة والقمر إلى آخر الشهر وفي سور أخرى وردت كلمة «أجل» مجرورة باللام «لأجل مسمى». قال الزمخشري : فإن قلت : لأجل .. وإلى أجل .. أهو من تعاقب الحرفين؟ فالجواب : كلا .. ولكن المعنيين .. أعني الانتهاء والاختصاص كل واحد منهما ملائم لصحة الغرض لأن القول : يجري إلى أجل مسمى .. معناه : يبلغه وينتهي إليه .. والقول : يجري لأجل مسمى .. يراد به : يجري لإدراك أجل مسمى .. بجعل الجري مختصا بإدراك أجل مسمى .. ألا ترى أن جري الشمس مختص بآخر السنة وجري القمر مختص بآخر الشهر. وفي الآية الكريمة المذكورة آنفا وردت لفظة «شيوخا» في قوله تعالى : (لِتَكُونُوا شُيُوخاً) وهي جمع «شيخ» ويجمع أيضا على «أشياخ» وشيخة وشيخان ويقال : شاخ ـ يشيخ ـ شيخوخة .. والشيخ فوق الكهل .. و «المشيخة» جمع أو اسم جمع للشيخ وفي «الشيب» يقال : شاب يشيب ـ شيبا فالرجل أشيب على غير قياس وجمعه : شيب ـ بكسر الشين ـ وشيبان : مشتق من ذلك وبه سمي .. أما المشيب ـ بفتح الميم ـ فهو الدخول في حد الشيب وقد يستعمل «المشيب» بمعنى «الشيب» وهو ابيضاض الشعر المسود .. قال الشاعر أبو العتاهية :
ألا ليت الشباب يعود يوما |
|
فأخبره بما فعل المشيب |
الشاعر هنا يتحسر على شبابه الماضي ويأسف على ما صار إليه في صورة أنه يتمنى أن يعود إليه شبابه ليحدثه عما يلاقيه من أوجاع الشيخوخة وآلامها .. و «الشباب» هو تدفق القوة وشبوب الحرارة وأبو العتاهية : شاعر من شعراء العصر العباسي .. كان متصلا بقصر