** (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الثامنة والعشرين أي قال هذا الرجل المؤمن وهو من رجال فرعون وقيل : من أقربائه .. وقد أخفى إيمانه عن فرعون احتاج ـ كما يقول الزمخشري ـ في مقاولة خصوم موسى إلى ملاومتهم ومداراتهم ويسلك معهم طريق الإنصاف في القول ويأتيهم من جهة المناصحة وهو كلام المنصف في مقاله غير المشتط فيه ليسمعوا منه ولا يردوا عليه .. وتقديم الكاذب على الصادق من هذا القبيل.
** (وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) : يفهم من الآية الكريمة أن التنكير في «بعض الذي» مثلما يعطي معنى التكثير وهو في معنى البعضية فكذلك هو الحال إذا صرح بالبعضية ـ أي بذكر لفظة بعض ـ حيث قال : بعض الذي يعدكم وهو نبي صادق ـ أي النبي موسى ـ عليهالسلام. لا بد لما يعدهم أن يصيبهم كله لا بعضه. وقال الفيومي .. إن قوله تعالى (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ) جاء على التقديم والتأخير والأصل : يكتم من آل فرعون إيمانه يقال : كتمت زيدا الحديث ـ أكتمه ـ كتما ..
من باب «قتل» وكتمانا ـ بكسر الكاف ـ يتعدى الفعل إلى مفعولين ويجوز زيادة «من» في المفعول الأول فيقال : كتمت من زيد الحديث .. مثل قولنا : بعته الدار وبعت منه الدار ومنه عند بعضهم. ويقال هذا حديث مكتوم ـ اسم مفعول ـ وبه كنيت المرأة فقيل : أم مكتوم ويقال : هذا سر كاتم بمعنى «مكتوم» ومكتم ـ بتشديد التاء ـ أي بولغ في كتمانه.
(وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (٢٠)
(وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِ) : الواو استئنافية. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. يقضي : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بالحق : جار ومجرور متعلق بصفة لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف. بتقدير : قضاء مقترنا أو ملتبسا بالحق.
(وَالَّذِينَ يَدْعُونَ) : الواو عاطفة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. يدعون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير والذين يدعونهم أي يعبدونهم من الأصنام والأوثان.