** (إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والعشرين .. المعنى : أرسلناه إلى فرعون ـ حاكم مصر ـ وهامان ـ كبير وزراء فرعون ـ وقارون ـ الثري من قوم موسى ـ وهو رأس الكافرين .. و «كذاب» من صيغ المبالغة ـ فعال بمعنى فاعل ـ سموا السلطان المبين سحرا.
** (قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ) : ورد قول الله تعالى على لسانهم في الآية الكريمة الخامسة والعشرين .. المعنى : أعيدوا قتل أبناء الذين. قال المصحف المفسر : هذه الآية الكريمة تشعر أن أمر فرعون بقتل أبناء بني إسرائيل واستبقاء نسائهم حدث بعد بعثة موسى مع أن نص الكتاب دل على أنه كان قبله حتى إن موسى نفسه لما ولد نجا بتدبير إلهي. والحقيقة أن فرعون بعد سماعه قول موسى أمر بإعادة تلك المجزرة لإذلال بني إسرائيل وإبادتهم. واستحيوا نساءهم. معناه : أبقوهن حيات ومن معاني الفعل «استحيا» احتشم .. نحو : استحيا فلان ـ يستحيي واستحى ـ يستحي : أي احتشم .. يقال : استحيت ـ بياء واحدة وأصله : استحييت ـ بياءين ـ فأعلوا الياء الأولى حركتها على الحاء فقالوا استحيت لما كثر في كلامهم. وقال الأخفش : استحى ـ بياء واحدة ـ لغة بني تميم وبياءين لغة أهل الحجاز وهو الأصل وإنما حذفوا الياء لكثرة استعمالهم لهذه الكلمة كما قالوا : لا أدر في لا أدري وفي الآية الكريمة المعنى : واستبقوا نساءهم. و «الحياء» بالألف الممدودة معناه : الاستحياء ووردت هذه اللفظة في شعر المتنبي :
وزائرتي كأن بها حياء |
|
فليس تزور إلا في الظلام |
وقيل : إن الحياء المانع من طلب العلم مذموم أما إذا كان الحياء على جهة التوقير فهو حسن. والخجل كالاستحياء وفعله : خجل ـ يخجل ـ خجلا .. من باب «تعب» أي اضطرب من الحياء فهو خجل ـ فعل بمعنى فاعل ـ وأخجله وخجله : بمعنى : قال له : خجلت أو جعله يخجل. و «الخجل» هو أيضا : التحير والدهش من الاستحياء ومن معاني «الخجل» : سوء احتمال الغنى وفي الحديث : «إذا شبعتن خجلتن» أي بطرتن وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان» البضع : من أربع إلى تسع شعب. ووردت لفظة «الحياء» أيضا في قول الشاعر :
وإذا صحبت فاصحب ماجدا |
|
ذا حياء وعفاف وكرم |
قوله للشيء لا إن قلت لا |
|
وإذا قلت نعم قال نعم |
وعن أبي مسعود قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : إن مما أدرك الناس من كلام النبوة : إذا لم تستح فاصنع ما شئت. صدق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
** (وَقالَ مُوسى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والعشرين .. المعنى : إني استجرت أو لجأت إلى ربي وربكم من شرك كل متعظم .. وحذف المضاف «شر» وبقي المضاف إليه «كل» والمراد بالمتكبر هنا : فرعون وغيره من الجبابرة لتعميم الاستعاذة والتعريض الذي هو أبلغ من التصريح .. ويوم الحساب : هو يوم القيامة الذي يحاسب فيه الناس جميعا بسرعة كقوله تعالى في آية سابقة (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) أي جميع الناس بسرعة تقدر بنصف يوم من أيام الدنيا لأن علمه سبحانه محيط بكل شيء.