** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في أبيّ بن خلف حين أخذ عظاما بالية وفتّها بيده.. وقال : زعم لكم محمد أنّا نبعث بعد ما نموت. وفي قول آخر : نزلت في الوليد بن المغيرة وأصحابه.
** (أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ) : في هذا القول الكريم الوارد في الآية الكريمة السابعة والستين يكون المعنى من قبل الحالة التي هو فيها أي حالة بقائه وبعد حذف المضاف إليه «الحالة» بني المضاف «قبل» على الضم لانقطاعه عن الإضافة بمعنى : أليس الذي أوجده بقادر على أن يعيده؟
** (فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ) : هذا القول الكريم هو مستهل الآية الكريمة الثامنة والستين.. وفي إقسامه جلّت قدرته باسمه ـ تقدست أسماؤه ـ مضافا إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ تفخيم لشأن رسول الله محمّد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لأن المعنى : قسما بربك أيها الرسول لنجمعنّهم والشياطين في المحشر يوم القيامة.. يقال : حشره ـ يحشره ـ حشرا : بمعنى : جمعه.. وهو من باب «ضرب» لغة ومن باب «قتل» الأصل وبه قرأ السبعة. و «الحشر» هو الجمع مع سوق و «المحشر» هو موضع الحشر.. والمحشر : بكسر الشين.. قال الجوهريّ : ومنه : يوم الحشر.. وقال عكرمة في قوله تعالى في سورة «التكوير» : (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) (٥) حشرها : موتها. و «الحاشر» اسم فاعل.. وهو اسم من أسماء النبيّ ـ عليه الصلاة والسّلام ـ : «لي خمسة أسماء أنا محمّد وأحمد والماحي يمحو الله بي الكفر والحاشر أحشر الناس على قدمي والعاقب» و «العاقب» أي آخر الأنبياء كما في حديث آخر : «أنا السّيد والعاقب».
** (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) : في هذا القول الكريم ـ الآية التاسعة والستين ـ ذكر الضمير وجمع في «أيّهم» وهو يعود على «شيعة» اللفظة المؤنثة «فرقة» على معنى «أنصار» و «عتيا» بمعنى : تمردا أو عصيانا وتأتي بمعنى : أسنّ وكبر فهو عات ـ اسم فاعل كما في قوله تعالى على لسان «زكريا» : «وقد بلغت من العمر عتيا» وعتا ـ يعتو ـ عتوّا من باب «قعد» بمعنى : استكبر فهو عات.. وعتا الشيخ يعتو عتيا : أي أسنّ وكبر وجمعه : عتيّ.. و «العتيّ» : حالة من الكبر لا ينفع معها العلاج ولا سبيل إلى مداواتها.
** (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) : في هذا القول الكريم الوارد في مستهل الآية الكريمة الثانية والسبعين حذف مفعول «اتقوا» اختصارا لأنه معلوم بمعنى : خافوا الله أو تجنّبوا الكفر والمعاصي.
** (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) : ورد هذا القول في الآية الكريمة الثالثة والسبعين المعنى : أي الفريقين أحسن مجلسا وهو مجتمع القوم وحيث ينتدون.. يقال : ندا القوم ندوّا.. من باب «قتل» بمعنى : اجتمعوا.. ومنه النادي : وهو مجلس القوم ومتحدّثهم ـ بفتح الدال وتشديدها. و «النديّ» مشدد والمنتدى : مثله.. ولا يقال ذلك فيه إلّا والقوم مجتمعون فيه فإذا تفرقوا زالت عنه هذه الأسماء.
** (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والسبعين. المعنى : أهلكنا عددا كثيرا من الأمم لأن «القرن» بمعنى : الأمة والجماعة وهم أحسن متاعا ومنظرا.. لأن «الأثاث» هو متاع البيت. و «الرئي» هو المنظر.. صيغة ـ فعل ـ من الرؤية. قال الجوهريّ : من همز «رءيا» جعله من المنظر من «رأيت» وهو ما رأته العين من حالة حسنة وكسوة ظاهرة.. ومن لم يهمزه.. فإمّا أن يكون على تخفيف الهمزة أو يكون من رويت ألوانهم وجلودهم ريّا : أي امتلأت وحسنت.