والحكام ؛ وعلى هذا يكون إسناد الأخذ إليهم لكونهم الآمرين بذلك.
والأول أولى لقوله : (مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَ) ؛ فإن إسناده إلى غير الأزواج بعيد جدا لأن إيتاء الأزواج لم يكن عن أمرهم.
وقيل : إن الثاني أولى لئلا يشوش النظم.
(إِلَّا أَنْ يَخافا) : أي لا يجوز لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا (أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ) : أي عدم إقامة حدود الله التي حدها للزوجين ، وأوجب عليهما الوفاء بها من حسن العشرة والطاعة.
(فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ) : أي إذا خاف الأئمة والحكام أو المتوسطون بين الزوجين ؛ وإن لم يكونوا أئمة وحكاما ، عدم إقامة حدود الله من الزوجين وهي ما أوجبه عليهما.
(فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) : أي لا جناح على الرجل ولا على المرأة في الإعطاء بأن تفتدي نفسها من ذلك النكاح ببذل شيء من المال يرضى به الزوج فيطلقها لأجله ، وهذا هو الخلع.
وقد ذهب الجمهور إلى جواز ذلك للزوج ، وأنه يحلّ له الأخذ مع ذلك الخوف (١). وهو الذي صرّح به القرآن. وحكى ابن المنذر عن بعض أهل العلم أنه لا يحلّ له ما أخذ ولا يجبر على رده ؛ وهذا في غاية السقوط. وقرأ حمزة (إِلَّا أَنْ يَخافا) على البناء للمجهول ؛ والفاعل محذوف وهو الأئمة والحكام ؛ واختاره أبو عبيد. قال : لقوله : (فَإِنْ خِفْتُمْ) فجعل الخوف لغير الزوجين ، وقد احتج بذلك من جعل الخلع إلى السلطان وهو سعيد بن جبير والحسن وابن سيرين.
وقد ضعف النحاس اختيار أبي عبيد المذكور.
__________________
(١) اعلم أنهم اختلفوا هل يكره الخلع بأكثر من المسمى؟ فقال الإمام مالك والشافعي لا يكره ذلك ، وقال أبو حنيفة : إن كان النشوز من قبلها فيكره للزوج أن يأخذ أكثر من المسمى وإن كان من قبله فيكره له أخذ شيء ما عوضا عن الخلع ، ويصح مع الكراهية في كلا الحالين.
وقال الإمام أحمد : يكره الخلع على أكثر من المسمى سواء كان النشوز من قبلها أو من قبله ، إلا أنه على الكراهية تصح عنده.
انظر الكافي لابن عبد البر [٢ / ٥١٣] ـ روضة الطالبين [٧ / ٣٧٤] الهداية للمرغيناني [٣ / ٢٩٣] الكافي لموفق الدين المقدسي [٣ / ١٠١] ـ الإفصاح لابن هبيرة [٢ / ١١٨].