فدية. وقد بينت (١) السنة ما أطلق هنا من الصيام والصدقة والنسك ، فثبت في الصحيح أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رأى كعب بن عجرة وهو محرم وقمله يتساقط على وجهه فقال : أيؤذيك هوام رأسك؟ فقال : نعم! فأمره أن يحلق ويطعم ستة مساكين ، أو يهدي شاة ، أو يصوم ثلاثة أيام (٢).
وقد ذكر ابن عبد البر أنه لا خلاف بين العلماء في أن النسك هنا هو شاة.
وحكى عن الجمهور أن الصوم المذكور في الآية ثلاثة أيام ، والإطعام الستة (٣) مساكين.
وروى عن الحسن وعكرمة ونافع أنهم قالوا : الصوم في فدية الأذى عشرة أيام ، والإطعام عشرة مساكين ، والحديث الصحيح المتقدم يرد عليهم ويبطل قولهم.
وقد ذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه وداود إلى أن الإطعام في ذلك مدّان بمد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أي لكل مسكين.
وقال الثوري : نصف صاع من برّ أو صاع من غيره ، وروي ذلك عن أبي حنيفة.
قال ابن المنذر : هذا غلط! لأن في بعض أخبار كعب أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال له : «تصدق بثلاثة أصوع من تمر على ستة مساكين» (٤).
واختلفت الرواية عن أحمد بن حنبل فروى عنه بمثل قول مالك والشافعي.
وروي عنه : إن أطعم برّا فمدّ لكل مسكين ؛ وإن أطعم تمرا فنصف صاع.
واختلفوا في مكان هذه الفدية فقال عطاء : ما كان من دم فبمكة ، وما كان من طعام أو صيام فحيث يشاء. وبه قال أصحاب الرأي.
وقال طاووس والشافعي : الإطعام والدم لا يكونان إلا بمكة والصوم حيث شاء.
وقال مالك ومجاهد : حيث شاء في الجميع.
__________________
(١) جاء في المطبوع [أثبتت] والتصحيح من فتح القدير [١ / ١٩٦].
(٢) [متفق عليه] أخرجه البخاري في الصحيح [٤ / ١٢] ح [١٨٨٤] و [١٨١٥ ـ ١٨١٨] ومسلم في الصحيح ح [١٢٠١].
(٣) جاء في المطبوع [سنة] والتصحيح من فتح القدير [١ / ١٩٦].
(٤) أخرجه مسلم في الصحيح [١ / ٨٦١].