[الآية الثامنة]
(إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ (١٥٨)).
أصل الصفا : الحجر الأملس ، وهو هنا علم لجبل من جبال مكة معروف.
وكذلك المروة : علم لجبل بمكة معروف ، وأصلها في اللغة واحدة المروي وهي الحجارة الصغار التي فيها لين ، وقيل : التي فيه صلابة ، وقيل : تعم الجميع ، وقيل : إنها الحجارة البيض البراقة ، وقيل : إنها الحجارة السود.
والشعائر : جمع شعيرة وهي العلامة من أعلام مناسكه. والمراد بها مواضع العبادة التي أشعرها الله إعلاما للناس : من الموقف والمسعى والمنحر. ومنه إشعار الهدي أي إعلامه بغرز حديدة في سنامه.
وحج البيت في اللغة : قصده ، وفي الشرع ، الإتيان بمناسك الحج التي شرعها الله سبحانه.
والعمرة في اللغة : الزيادة ، وفي الشرع : الإتيان بالنسك المعروف على الصفة الثابتة.
والجناح : أصله من الجنوح : وهو الميل ، ومنه الجوانح لاعوجاجها.
ورفع الجناح يدل على الوجوب ، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري ، وحكى الزمخشري في «الكشاف» عن أبي حنيفة أنه يقول : إنه واجب وليس بركن ، وعلى تاركه دم.
وقد ذهب إلى عدم الوجوب ابن عباس وابن الزبير وأنس بن مالك وابن سيرين. ومما يقوي دلالة هذه الآية على عدم الوجوب قوله تعالى في آخر الآية : (وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً) إلخ.
وذهب الجمهور إلى أن السعي واجب ونسك من جملة المناسك وهو قول عبد الله بن عمر وجابر وعائشة ؛ وبه قال الحسن وإليه ذهب الشافعي ومالك واختاره الشوكاني (١) وهو الراجح.
__________________
(١) فتح القدير [١ / ١٦٠].