وإعجابُ المرءِ بنفسه (١٣٨).
______________________________________________________
وأمّا ما يرتكبه الإنسان لإطاعة أمر الله تعالى وتحصيل رضاه وإنْ كان ممّا تشتهيه نفسه وتهواه فليس من الهوى المذموم كمن يأكل ويشرب لأمره تعالى بهما أو لتحصيل القوّة على العبادة ، وكذا من يجامع لتحصيل الأولاد الصالحين أو لئلاّ يبتلى بالحرام ، فهذه لذّة لا يلزم إجتنابها ، بل كثير من العلماء يلتذّون بعلمهم أكثر ممّا يلتذّ الفسّاق بفسقهم .. فليس كلّ ما تهواه النفس مذموماً ..
وفي مقابل ذلك ليس كلّ ما لا تهواه النفس ممدوحاً يحسن إرتكابه كأكل القاذورات أو الزنا بالجارية القبيحة فذمّ الهوى مطلقاً امّا مبني على انّ الغالب فيما تشتهيه الأنفس مخالفة لما ترتضيه العقول.
أو على أنّ المراد بالنفس هي النفس الأمّارة بالسوء الداعية إلى الشرّ.
أو على أنّ الهوى صار حقيقة شرعية في الاُمور القبيحة والمعاصي التي تدعو النفس إليها.
(١٣٨) بأن تروقه نفسه ، ويرى نفسه خارجاً عن حدّ التقصير.
والعُجب إستعظام العمل الصالح وإستكثاره والإبتهاج له والإدلال به .. وأمّا السرور به مع التواضع لله تعالى وشكره على التوفيق لذلك وطلب الإستزادة منه فهو حسن ممدوح.
والمعجب بنفسه يغترّ بنفسه ويأمن من مكر الله وعذابه ، ويظنّ أنّ له على الله منّة وحقّاً بأعماله التي هي نعمة من نعمه وعطيّة من عطاياه.
والعجب يفسد الطاعات ويدعو إلى نسيان الذنوب والإستنكاف عن الإستفادة والإستشارة وسؤال من هو أعلم إلى غير ذلك من الآفات الكثيرة (١).
__________________
١ ـ مرآة العقول ، ج ١٠ ، ص ٢١٨.