بين والباقون بالفتح وقد سبق الكلام في حروف التهجي ، وقال ابن عباس : (حم) اسم الله الأعظم وعنه قال : الر وحم ون حروف الرحمن مقطعة وقيل : حم اسم السورة ، وقيل : الحاء افتتاح أسمائه حليم وحميد وحي وحكيم وحنان والميم افتتاح أسمائه ملك مجيد منان ، وقال الضحاك والكسائي : معناه قضى ما هو كائن كأنهما أشارا إلى أن معنى حم : حم بضم الحاء وتشديد الميم ، وهل يجوز أن يجمع حم على حواميم؟ نقل ابن الجوزي عن شيخه الجواليقي أنه خطأ وليس بصواب بل الصواب أن يقول : قرأت آل حم. وفي الحديث عن ابن مسعود عن النبي صلىاللهعليهوسلم «إذا وقعت في آل حم وقعت في روضات» (١). وقال الكميت (٢) :
وجدنا لكم في آل حم آية |
|
تأولها منا تقي ومعرب |
ومنهم من جوزه ، وروي في ذلك أحاديث منها : قوله صلىاللهعليهوسلم : «الحواميم ديباج القرآن» (٣). وقوله صلىاللهعليهوسلم : «الحواميم سبع وأبواب جهنم سبع جهنم والحطمة ولظى والسعير وسقر والهاوية والجحيم ، فتجيء كل حم منهن يوم القيامة على باب من هذه الأبواب فتقول لا يدخل النار من كان يؤمن بي ويقرؤني» (٤). وقوله صلىاللهعليهوسلم : «لكل شيء ثمرة وثمرة القرآن ذوات حم هن روضات حسان مخصبات متجاورات ، فمن أحب أن يرتع في رياض الجنة فليقرأ الحواميم» (٥). وقوله صلىاللهعليهوسلم : «الحواميم في القرآن كمثل الحبرات في الثياب» (٦). وقال ابن عباس : لكل شيء لباب ولباب القرآن الحواميم ، قال ابن عادل : فإن صحت هذه الأحاديث فهي الفصل في ذلك أي : فتدل على جواز الجمع ، وقال البيضاوي في حم السجدة : ولعل افتتاح هذه السبع بحم وتسميتها به لكونها مصدرة بيان الكتاب متشاكلة في النظم والمعنى أي : أخذا مما قيل إن حم اسم من أسماء القرآن.
وقوله تعالى : (تَنْزِيلُ الْكِتابِ) أي : الجامع من الحدود والأحكام والمعارف والإكرام إما خبر لحم إن كانت مبتدأ ، وإما خبر لمبتدأ مضمر وإما مبتدأ وخبره (مِنَ اللهِ) أي : الجامع لجميع صفات الكمال ، ولما كان النظر هنا من بين جميع الصفات إلى العزة والعلم أكثر لأجل أن المقام لإثبات الصدق وعدا ووعيدا قال تعالى : (الْعَزِيزِ) أي : في ملكه (الْعَلِيمِ) بخلقه ، فبين تعالى أنه بقدرته وعلمه أنزل القرآن الذي يتضمن المصالح والإعجاز ولو لا كونه عزيزا عالما لما صح ذلك.
(غافِرِ الذَّنْبِ) أي : بتوبة وغير توبة للمؤمن إن شاء وأما الكافر فلا بد من توبته بالإسلام (وَقابِلِ التَّوْبِ) أي : ممن عصاه وهو يحتمل أن يكون اسما مفردا مرادا به الجنس كالذنب وأن
__________________
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ٦ / ١٥٣.
(٢) البيت من الطويل ، وهو للكميت في شرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٠١ ، والكتاب ٣ / ٢٥٧ ، ولسان العرب (عرب) ، (حمم) ، (طسن) ، والمقتضب ١ / ٢٣٨ ، وبلا نسبة في أسرار العربية ص ١٨ ، وجمهرة اللغة ص ١٢٨٣.
(٣) أخرجه السيوطي في الدر المنثور ٥ / ٣٤٤ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ٢٦٢٢ ، والقرطبي في تفسيره ١٥ / ٢٨٨ ، والحاكم في المستدرك ٢ / ٤٣٧.
(٤) أخرجه السيوطي في الدر المنثور ٤ / ٩٩ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ٢٦٢١.
(٥) أخرجه القرطبي في تفسيره ٥ / ٣٨٤ ، ١٥ / ٢٨٨ ، وابن عدي في الكامل في الضعفاء ٣ / ١١٩٨.
(٦) أخرجه القرطبي في تفسيره ١٥ / ٢٨٨.