أن جميع العرب ينقسمون إلى قسمين : قحطانية وعدنانية ، فالقحطانية : شعبان سبأ وحضر موت ، والعدنانية : شعبان : ربيعة ومضر ، وأما قضاعة فمختلف فيها فبعضهم نسبها إلى قحطان ، وبعضهم إلى عدنان ، قيل : إن قحطان أول من قيل له أنعم صباحا وأبيت اللعن ، قال بعضهم : وجميع العرب منسوب إلى إسماعيل بن إبراهيم وليس بصحيح ، فإن إسماعيل عليهالسلام نشأ بين جرهم بمكة وكانوا عربا ، والصحيح أن العرب العاربة كانوا قبل إسماعيل عليهالسلام منهم عاد وثمود وطسم وجديس وأهم وجرهم والعماليق يقال : إن أهما كان ملكا ويقال : إنه أول من سقف البيوت بالخشب المنشور ، وكانت الفرس تسميه آدم الأصغر وبنوه قبيلة يقال لها وبار هلكوا بالرمل أساله الله عليهم فأهلكهم وطم مناهلهم وفي ذلك يقول بعض الشعراء :
وكر دهر على وبار |
|
فهلكت عنوة وبار |
واسم سبأ : عبد شمس بن يشجب بن يعرب بن قحطان وسمي سبأ قيل : لأنه أول من سبأ في العرب قاله السهيلي ، ويقال : إنه أول من تتوج ، وذكر بعضهم أنه كان مسلما وله شعر يشير فيه بوجود النبي صلىاللهعليهوسلم وقال في سليمان عليهالسلام :
سيملك بعدنا ملك عظيم |
|
نبي لا يرخص في الحرام |
ويملك بعده منهم ملوك |
|
يدينوه القياد بكل دامي |
ويملك بعدهم منا ملوك |
|
يصير الملك فينا بانقسام |
ويملك بعد قحطان نبي |
|
تقي مخبت خير الأنام |
يسمى أحمدا يا ليت أني |
|
أعمر بعد مبعثه بعام |
فأعضده وأحبوه بنصري |
|
بكل مدجج وبكل رامي |
متى يظهر فكونوا ناصريه |
|
ومن يلقاه يبلغه سلامي |
وقرأ البزي وأبو عمرو بعد الموحدة بهمزة مفتوحة من غير تنوين لأنه صار اسم قبيلة ، وقنبل بهمزة ساكنة والباقون بهمزة مكسورة منونة ، وإذا وقف حمزة وهشام أبدلا الهمزة ألفا ولهما أيضا الروم مع التسهيل وقرأ في مساكنهم أي : التي هي في غاية الكثرة حمزة وحفص بسكون السين وفتح الكاف ولا ألف بينهما إشارة إلى أنها لشدة اتصال المنافع والمرافق كالمسكن الواحد ، وقرأ الكسائي كذلك إلا أنه يكسر الكاف والباقون بفتح السين وألف بعدها وكسر الكاف إشارة إلى أنها في غاية الملائمة لهم واللين ، وكانت بأرض مأرب من بلاد اليمن قال حمزة الكرماني : قال ابن عباس : على ثلاثة فراسخ من صنعاء (آيَةٌ) أي : علامة ظاهرة على قدرتنا ، ثم فسر الآية بقوله تعالى : (جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ) أي : عن يمين الوادي وشماله قد أحاطت الجنتان بذلك الوادي وقيل : عن يمين من أتاهما وبشماله.
فإن قيل : كيف عظم الله تعالى جنتي أهل سبأ وجعلهما آية ورب قرية من قرى العراق يحتف بها من الجنات ما شئت؟ أجيب : بأنه لم يرد بستانين اثنين فحسب ، وإنما أراد جماعتين من البساتين جماعة عن يمين بلدتهم ، وأخرى عن شمالها وكل واحدة من الجماعتين في تقاربها وتضامها كأنها جنة واحدة كما تكون بلاد الريف العامرة وبساتينها ، أو أراد بستاني كل رجل منهم عن يمين مسكنه وشماله كما قال تعالى (جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ) [الكهف : ٣٢] فكانت