إليه الحراب والضراب والطعان لأنّ النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه كانوا مأمورين بالجهاد فشق على البعض ذلك فقال
تعالى : (أَحَسِبَ
النَّاسُ) أي : كافة (أَنْ
يُتْرَكُوا) أي : أظنوا أنهم يتركون بغير اختبار وابتلاء في وقت ما
بوجه من الوجوه.
تنبيه : أن يتركوا سدّ مسدّ مفعولي حسب عند الجمهور (أَنْ) أي : بأن (يَقُولُوا) أي : بقولهم (آمَنَّا
وَهُمْ) أي : والحال أنهم (لا
يُفْتَنُونَ) أي : يختبرون بما تتميز به حقية إيمانهم بمشاق التكاليف
كالمهاجرة والمجاهدة ورفض الشهوات وأنواع المصائب في الأنفس والأموال ليتبين
المخلص من المنافق ، والصادق من الكاذب ، ولينالوا بالصبر عليها عوالي الدرجات
فإنّ مجرد الإيمان وإن كان عن خلوص لا يقتضي غير الخلاص من الخلود في العذاب.
واختلفوا في
سبب نزول هذه الآية : فقال الشعبي : نزلت في أناس كانوا بمكة قد أقروا بالإسلام ثم
هاجروا فتبعهم الكفار فمنهم من قتل ومنهم من نجا فأنزل الله تعالى هاتين الآيتين.
وعن ابن عباس
رضي الله تعالى عنهما قال : إنها نزلت في عمار بن ياسر وعياش بن أبي ربيعة والوليد
بن الوليد وسلمة بن هشام كانوا يعذبون بمكة.
وقال ابن جريج
: نزلت في عمار بن ياسر كان يعذب في الله عزوجل.
وقال مقاتل :
نزلت في مهجع بن عبد الله مولى عمر كان أوّل قتيل قتل من المسلمين يوم بدر فقال صلىاللهعليهوسلم : «سيد الشهداء مهجع وهو أوّل من يدعى إلى باب الجنة من
هذه الأمة» فجزع عليه أبواه وامرأته فأنزل الله تعالى هذه الآية ،
وقيل وهم لا يفتنون بالأوامر والنواهي وذلك أنّ الله تعالى أمرهم في الابتداء بمجرد
الإيمان ثم فرض عليهم الصلاة والزكاة وسائر الشرائع فشق على بعض فأنزل الله تعالى
هذه الآية ثم عزاهم فقال : (وَلَقَدْ
فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي : من الأنبياء والمؤمنين فمنهم من نشر بالمنشار
ومنهم من قتل ، وابتلي بنو إسرائيل بفرعون فكان يسومهم سوء العذاب فذلك سنة قديمة
جارية في الأمم كلها فلا ينبغي أن يتوقع خلافه (فَلَيَعْلَمَنَّ
اللهُ) أي : الذي له الكمال كله (الَّذِينَ
صَدَقُوا) في إيمانهم علم مشاهدة للخلق وإلا فالله تعالى لا يخفى
عليه خافية (وَلَيَعْلَمَنَّ
الْكاذِبِينَ) فيه أي : فيظهر الله الصادقين من الكاذبين في الإيمان.
(فائدة) لبعض
المحبين :
للهوى آية (أي
علامة) بها يعرف الصا
|
|
دق في عشقه
من الكذاب
|
سهر الليل
دائما ونحول ال
|
|
جسم والموت
في رضا الأحباب
|
(أَمْ حَسِبَ) أي : ظن (الَّذِينَ
يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) أي : الشرك والمعاصي ، فإن العمل يعم أفعال القلوب
والجوارح (أَنْ
يَسْبِقُونا) أي : يفوتونا فلا ننتقم منهم ، وهذا ساد مسدّ مفعولي
حسب. وأم منقطعة والإضراب فيها لأنّ هذا الحساب أبطل من الأوّل لأنّ صاحب ذلك يقدر
أن لا يمتحن لإيمانه وصاحب هذا يظن أن لا يجازى بمساويه ، ولهذا عقبه بقوله تعالى
: (ساءَ
ما يَحْكُمُونَ) أي : بئس الذي يحكمونه ، أو حكما يحكمونه ، حكمهم هذا
فحذف المخصوص بالذم.
ولما بين بقوله
: (أَحَسِبَ
النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا) أن العبد لا يترك في الدنيا سدى ، وبين في قوله تعالى :
(أَمْ
حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) أن من ترك ما كلف به يعذب عذابا بين أن من يعترف
__________________