بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً (٤٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً (٤٣) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (٤٤) وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً (٤٥) مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (٤٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً (٤٧) إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً (٤٨) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٤٩) انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً (٥٠) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً (٥١))
(وَالَّذِينَ) عطف على الذين قبله (يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ) أي : مرائين لهم (وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي : كالمنافقين ومشركي مكة المنفقين أموالهم في عداوة النبيّ صلىاللهعليهوسلم (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً) أي : صاحبا يعمل بأمره كهؤلاء (فَساءَ) أي : فبئس (قَرِيناً) هو حيث حملهم على البخل والرياء وكل شر وزينه لهم كقوله تعالى : (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ) [الإسراء ، ٢٧] والمراد : إبليس وأعوانه الداخلة في باطن الإنسان والخارجة عنه ، ويجوز أن يكون وعيدا لهم بأنّ الشيطان يقرن بهم في النار.
(وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ) أي : أيّ ضرر عليهم في ذلك والاستفهام للإنكار ، ولو مصدرية أي : لا ضرر فيه ، وإنما الضرر فيما هم عليه وقوله تعالى : (وَكانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيماً) وعيد لهم فيجازيهم بما عملوا.
(إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ) أحدا (مِثْقالَ) أي : وزن (ذَرَّةٍ) وهي أصغر نملة ، ويقال : لكل جزء من أجزاء الهباء في الكوّة ، أي : لا ينقص قدر ذلك من حسناته ولا يزيده في سيئاته كما قال تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً) [يونس ، ٤٤] ، وفي ذكر المثقال إيماء إلى أنه وإن صغر قدره عظم جزاؤه. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه أدخل يده في التراب فرفعها ثم نفخ فيه فقال : كل واحدة من هؤلاء ذرة (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً) أي : وإن يك المثقال حسنة (يُضاعِفْها) أي : ثوابها من عشر إلى أكثر من سبعمائة ، وعن أبي عثمان النهدي أنه قال لأبي هريرة : بلغني عنك أنك تقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إنّ الله يعطي عبده المؤمن بالحسنة الواحدة ألف ألف حسنة» قال أبو هريرة : لا بل سمعته يقول «إنّ الله يعطيه ألفي ألف حسنة» (١). ثم تلا هذه الآية.
وروي أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ الله لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزيه بها في الآخرة» (٢) قال : وأمّا الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة
__________________
(١) أخرجه أحمد في المسند ٢ / ٥٢١ ، ٥٢٢ ، والقرطبي في تفسيره ٥ / ١٩٧ ، وابن كثير في تفسيره ٢ / ٢٨٦.
(٢) أخرجه مسلم في المنافقين حديث ٥٦ ، وأحمد في المسند ٣ / ١٢٣ ، ١٢٥ ، ٢٨٣.