شيء (خَبِيراً) بالبواطن كالظواهر ، فيعلم كيف يرفع الشقاق ويوقع الوفاق قال تعالى : (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) [الأنفال ، ٦٣].
(وَاعْبُدُوا اللهَ) أي : وحدوه وأطيعوه (وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) أي : شيئا من الإشراك جليا كان أو خفيا ، وعن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه أنه قال : كنت رديف رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «هل تدري يا معاذ ما حق الله على الناس؟» قال : قلت الله ورسوله أعلم ، قال : «حقه عليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، أتدري يا معاذ ما حق الناس على الله تعالى إذا فعلوا ذلك؟» قلت : الله ورسوله أعلم قال : «فإنّ حق الناس على الله أن لا يعذبهم» قال قلت : يا رسول الله ألا أبشر الناس؟ قال : «دعهم يعملون» (١)(وَ) أحسنوا (بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) أي : برّا ولين جانب (وَبِذِي الْقُرْبى) أي : صاحب القرابة (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ) ويدخل في المساكين الفقراء.
روي أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «أنا وكافل اليتيم في الجنة» (٢) وفي رواية : «من مسح رأس يتيم ولم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة تمرّ عليها يداه حسنات ، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وقرن بين أصبعيه» (٣)(وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى) أي : القريب منك في النسب أو الجوار (وَالْجارِ الْجُنُبِ) أي : البعيد عنك في النسب أو الجوار.
روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت : يا رسول الله إنّ لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ قال : «إلى أقربهما منك بابا» (٤).
وروي أنه صلىاللهعليهوسلم قال لأبي ذر : «لا تحقرنّ من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق وإذا طبخت مرقة فأكثر ماءها واغرف لجيرانك منها» (٥).
وروي أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه يورّثه» (٦). (وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) أي : الرفيق في السفر كما قاله ابن عباس ومجاهد ، أو المرأة تكون معه إلى جنبه كما قاله علي والنخعي ، أو الذي يصحبك رجاء نفعك في تعلم علم أو حرفة أو نحو ذلك كما قاله ابن جريج وابن زيد (وَابْنِ السَّبِيلِ)أي: المسافر ؛ لأنه يلازم السبيل ، أو الضيف كما عليه الأكثر.
روي أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت» (٧). وفي
__________________
(١) أخرجه البخاري في اللباس حديث ٥٩٦٧ ، ومسلم في الإيمان حديث ٣٠ ، والترمذي في الإيمان حديث ٤٦٤٣ ، وابن ماجه في الزهد حديث ٤٢٩٦.
(٢) أخرجه البخاري في الأدب حديث ٦٠٠٥ ، وأبو داود في الأدب حديث ٥١٥٠ ، والترمذي في البر حديث ١٩١٨.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ٥ / ٢٥٠ ، ٢٦٥ ، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين ٦ / ٢٩١ ، وابن حجر في فتح الباري ١١ / ١٥١ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ٦٠٣٥ ، وأبو نعيم في حلية الأولياء ٨ / ١٧٩.
(٤) أخرجه البخاري في الشفعة حديث ٢٢٥٩ ، وأبو داود في الأدب حديث ٥١٥٥.
(٥) أخرجه مسلم في البر حديث ٢٦٢٥ ، وابن ماجه في الأطعمة حديث ٣٣٦٢ ، والدارمي في الأطعمة حديث ٢٠٧٩.
(٦) أخرجه البخاري في الأدب حديث ٦٠١٥ ، ومسلم في البر حديث ٢٦٢٤ ، وأبو داود في الأدب حديث ٥١٥١ ، والترمذي في البر حديث ١٩٤٢ ، وابن ماجه في الأدب حديث ٣٦٧٣.
(٧) أخرجه الدارمي ٢ / ٩٨ ، والبيهقي في السنن الكبرى ٥ / ٦٤ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٨ / ١٦٦ ، وابن ماجه حديث ٣٦٧٢.