من غير أن ينقص من أجره شيء ، قالوا : يا رسول الله ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائما على مذقة لبن أو تمرة أو شربة من ماء ، ومن سقى صائما سقاه الله عزوجل من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة ، وهو شهر أوّله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار ، فاستكثروا فيه من أربع خصال : خصلتين ترضون بهما ربكم وخصلتين لا غنى لكم عنهما فأمّا الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم : فشهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه ، وأمّا اللتان لا غنى لكم عنهما : فتسألون الله الجنة وتعوذون به من النار» (١).
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : قال الله تعالى : «كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم ؛ فإنه لي وأنا أجزي به ، يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ، للصائم فرحتان : فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، الصوم جنة» (٢).
وعن سهل بن سعد أنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «في الجنة ثمانية أبواب ، منها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون» (٣) وعن ابن عمر أنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الصيام والقرآن يشفعان للعبد ، يقول الصائم : رب إني منعت الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ، ويقول القرآن رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان» (٤).
وسأل جماعة النبيّ صلىاللهعليهوسلم : أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فنزل : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) أي : فقل لهم إني قريب وهو تمثيل لكمال علمه بأفعال العباد وأقوالهم واطلاعه على أحوالهم بحال من قرب مكانه منهم ، ونحوه قوله تعالى : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) [ق ، ١٦] وقوله تعالى : (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) أي : بإنالته ما سأل تقرير للقرب ، ووعد للداعي بالإجابة ، وقرأ ورش وأبو عمرو بإثبات الياء فيهما وصلا لا وقفا ، واختلف عن قالون فيهما والباقون بحذفها وصلا ووقفا.
فإن قيل : ما وجه قوله تعالى : (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ) وقوله : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر ، ٦٠] وقد يدعى كثيرا فلا يجيب؟ أجيب : بأنهم اختلفوا في معنى الآيتين فقيل : معنى الدعاء هنا الطاعة ، ومعنى الإجابة الثواب ، وقيل : معنى الآيتين خاص وأن لفظهما عام ، تقديره : أجيب دعوة الداع إن شئت كما قال تعالى : (فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ) [الأنعام ، ٤١] أو أجيب دعوة الداع إن وافق القضاء،أو أجيبه إن كانت الإجابة خيرا له،أو أجيبه إن لم يسأل محالا.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يستجيب الله لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم أو يستعجل» قالوا : وما الاستعجال يا رسول الله؟ قال : «يقول قد دعوتك يا رب فلا أراك تستجيب لي فيتحسر عند ذلك فيدع ، أي : يترك الدعاء» (٥) وقيل : هو عام ، ومعنى
__________________
(١) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه ٣ / ١٩١ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ٢٤٢٧٦.
(٢) أخرجه البخاري في الصوم حديث ١٩٠٤ ، ومسلم في الصيام حديث ١١٥١ ، والنسائي في الصيام حديث ٢٢١٦.
(٣) أخرجه البخاري في بدء الخلق حديث ٣٢٥٧.
(٤) أخرجه أحمد في المسند ٢ / ١٧٤ ، والتبريزي في مشكاة المصابيح ٢٩٦٣ ، والمنذري في الترغيب والترهيب ٢ / ٨٤ ، ٣٥٣ ، والسيوطي في الدر المنثور ١ / ١٨٢ ، وأبو نعيم في حلية الأولياء ٨ / ١٦١.
(٥) أخرجه مسلم في الذكر حديث ٢٧٣٥.