١] والمنزول فيه الأخنس بن شريق (أُولئِكَ) أي : المانعون (ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها) أي : مساجد الله (إِلَّا خائِفِينَ) أي : على حال التهيب وارتعاد الفرائص من المؤمنين أن يبطشوا بهم فضلا أن يستولوا عليها أو يخربوها أو يمنع النبيّ صلىاللهعليهوسلم عنها وقال قتادة : لا يوجد نصراني في بيت المقدس إلا انهمك ضربا وأبلغ إليه في العقوبة. وروي أنه لا يدخل بيت المقدس أحد من النصارى إلا متنكرا مسارقة وقيل : «نادى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ألا لا يحجنّ بعد هذا العام مشرك ولا يطوفنّ بالبيت عريان» (١) وقيل : إن هذا خبر بمعنى الأمر أي : أخيفوهم بالجهاد فلا يدخلها أحد آمنا.
واختلف في جواز دخول الكافر المسجد ، فجوّزه أبو حنيفة ومنعه مالك ، وفرق الشافعيّ بين المسجد الحرام وغيره فمنع من الأوّل ، وجوّز في الثاني بشرط إذن المسلم والحاجة ، وغلّظ ورش اللام من أظلم بعد الظاء (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) أي : هوان بالقتل والسبي والجزية (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) بكفرهم وظلمهم وهو النار.
ونزل لما عيرت اليهود المؤمنين في نسخ القبلة وقالوا : ليست لهم قبلة معلومة فتارة يستقبلون هذا وتارة هذا كما قاله عكرمة أو في صلاة النافلة على الراحلة في السفر حيثما توجهت به راحلته كما قاله ابن عمر.
(وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥) وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (١١٦) بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (١١٧) وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (١١٨) إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (١١٩) وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (١٢٠) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٢١) يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (١٢٢) وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (١٢٣) وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (١٢٤))
(وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) أي : ناحيتا الأرض أي : له الأرض كلها لا يختص به مكان دون مكان فإن منعتم أن تصلوا في المسجد الحرام والأقصى فقد جعلت لكم الأرض كلها مسجدا (فَأَيْنَما تُوَلُّوا) وجوهكم أيّ جهة وهو الصدر في الصلاة (فَثَمَ) أي : هناك (وَجْهُ اللهِ) أي : قبلته كما قاله مجاهد ، وقال الكلبيّ : فثم الله يعلم ويرى والوجه صلة كقوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [القصص ، ٨٨] أي : إلا هو (إِنَّ اللهَ واسِعٌ) أي : غنيّ يعطي من السعة يسع فضله كلّ شيء (عَلِيمٌ) بتدبير خلقه.
ونزل لما قالت اليهود : عزير ابن الله ، وقالت النصارى : المسيح ابن الله ، وقال مشركو
__________________
(١) أخرجه البخاري في الصلاة حديث ٣٦٩ ، ومسلم في الحج حديث ١٣٤٧ ، وأبو داود في المناسك حديث ١٩٤٦ ، والترمذي في التفسير حديث ٣٠٩١.