لا يأخذ إلا من حيث يجب على ما يجب وكما يجب ، ولا يضع إلا كذلك ، والكافر بخلاف ذلك ، ومنهم من قال : (ما يُنْفِقُونَ) عبارة عن أعمالهم كلها ، لكن خصّ الإنفاق لكونه أظهر وأكثر (١) ، وإنما خصّ حرث قوم ظلموا أنفسهم من أجل أن الناس فيما يصيبهم [من](٢) الجائحة ضربان : صالح لا يستحق عقوبة ، فإذا نالته صار ذلك له أجرا مدّخرا ، فكأنه لم يضع ماله ، وسيّىء يستحق عقوبة ، فإذا نالته فقد ضاع ماله في الحال وفي المآل ، ومنهم من قال : معنى (ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) أي زرعوا الحرث في غير وقته (٣) ، تنبيها أن الكفار أساءوا فيما كان ينبغي لهم أن يفعلوه إساءة هؤلاء الحرّاث في حرثهم من تقديم أو تأخير. إن قيل : كيف قال : (رِيحٍ فِيها صِرٌّ) ، وقد قيل : متى هبت الريح لم يؤثر الصرّ؟ قيل في ذلك أجوبة : الأول : أن كل
__________________
ـ رقم (٦٦) ، ومالك في الموطأ رقم (٤) كتاب الوصية ، والبيهقي في السنن (٦ / ٢٦٨) ، وأبو يعلى في مسنده رقم (٧٢٧ ، ٧٤٦ ، ٧٤٧ ، ٧٧٩ ، ٧٨١).
(١) انظر : معاني القرآن وإعرابه للزجاج (١ / ٤٦١) ، وقد نقل أبو حيان هذه الفقرة ، ونسبها للراغب. البحر المحيط (٣ / ٤٠).
(٢) ساقطة من الأصل والسياق يقتضيها.
(٣) ذكر هذا القول : الماوردي في النكت والعيون (١ / ٤١٨) ، وابن عطية في المحرر الوجيز (٣ / ٢٠٦) ، قال : ونحا إليه المهدوي ، وابن الجوزي في زاد المسير (١ / ٤٤٥) ، وأبو حيان في البحر المحيط (٣ / ٤١).