أي الحق يقارنه ، أو هو الحق (١) ، وفي قوله : (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً) تنبيه على اعتبار ما تقدم ذكره لما اقتضى عدله في معاقبة الكفار (٢).
قوله تعالى : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ)(٣) قد تقدم تفسير ذلك (٤) ، ونبه بقوله : (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) على شيئين : أحدهما : إبطال قول من زعم أن الأشياء تبقى عناصرها فلا تفنى. والثاني : على أنه يصحّ أن يتوهم ارتفاع الأمور كلها مع بقائه تعالى ، وأنه لا ينكر عدمها انتهاء ، كما لا ينكر ذلك ابتداء (٥). إن قيل : وما وجه إيراد هذا القول
__________________
(١) قال أبو حيان : «والباء في (بالحق) باء المصاحبة ، فهي في موضع الحال من ضمير المفعول ، أي ملتبسة بالحق». البحر المحيط (٣ / ٢٩) ، وانظر :
الكشاف (١ / ٤٠٠) ، والدر المصون (٣ / ٣٤٦).
(٢) وإلى ذلك أشار الطبري بقوله : «يعني بذلك : وليس الله يا محمد بتسويد وجوه هؤلاء وإذاقتهم العذاب العظيم ، وتبييض وجوه هؤلاء وتنعيمه إياهم في جنته ، طالبا وضع شيء مما فعل من ذلك في غير موضعه الذي هو موضعه ...» جامع البيان (٧ / ٩٨).
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ١٠٩.
(٤) انظر : تفسير الآية (٢٨٤) من سورة البقرة ، (ق ١٩٥ ـ مخطوط). وانظر : تفسيره لقوله تعالى : (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) (ق ـ ١٣٨ ، ١٣٩ ـ مخطوط).
(٥) قال العلامة نظام الدين النيسابوري : «فالأول إشارة إلى أنه تعالى مبدأ المخلوقات كلها ، وهذا إشارة إلى أن معاد الكل إليه». «غرائب القرآن ـ ورغائب الفرقان» لنظام الدين الحسن بن محمد بن الحسين القمي النيسابوري (ت بعد ٨٥٠ ه) (٢ / ٢٣٢). وانظر : إرشاد العقل السليم (٢ / ٧٠).