الخبر. وقوله : (وَلا تَفَرَّقُوا) حث على الألفة والاجتماع ، الذي هو نظام الإيمان واستقامة أمور العالم ، وقد فضل المحبة والألفة على الإنصاف والعدالة ، لأنه يحتاج إلى الإنصاف حيث تفقد المحبة ، ولصدق محبة الأب للابن صار مؤتمنا على ماله ، والألفة أحد ما شرف الله به الشريعة سيما شريعة الإسلام ، ولهذا قال : (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ)(١) ، وقال : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ)(٢) ، وقال صلىاللهعليهوسلم : «لا تقاطعوا ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا» (٣) ،
__________________
ـ أهل التحقيق من أهل الطريق فقالوا : لا يلتفت إلى شيء من ذلك إلا إذا وافق الكتاب والسنة ، والعصمة إنما هي للأنبياء ، ومن عداهم فقد يخطىء ، فقد كان عمر رضي الله عنه رأس الملهمين ، ومع ذلك فكان ربما رأى الرأي فيخبره بعض الصحابة بخلافه فيرجع إليه ويترك رأيه. فمن ظن أنه يكتفي بما يقع في خاطره عما جاء به الرسول صلىاللهعليهوسلم فقد ارتكب أعظم الخطأ ، وأما من بالغ منهم فقال : حدثني قلبي عن ربي. فإنه أشد خطأ ، لأنه لا يأمن أن يكون قلبه إنما حدثه عن الشيطان ...» فتح الباري (١١ / ٣٥٣).
(١) سورة الأنفال ، الآية : ٦٣.
(٢) سورة الفتح ، الآية : ٢٩.
(٣) رواه البخاري ـ كتاب النكاح ـ باب لا يخطب على خطبة أخيه ، رقم (٥١٤٣). وفي كتاب الأدب ، باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر ، رقم (٦٠٦٤). ورواه مسلم ـ كتاب البر والصلة ـ باب تحريم الظن والتجسس والتنافس ، رقم (٢٥٦٣) ، وأحمد في المسند (٢ / ٢٤٥ ، ٢٧٧ ، ٢٨٧ ،