والعصمة من الله على ثلاثة أضرب : عامة لكل مكلف ، وهي ما يفيض له من العقل ، وهدايته بالأمر والنهي والوعد والوعيد. والثانية : لمن اهتدى بالأولى ، وهي التي يرغب كل مؤمن أن يجعل الله له منها حظّا. وإياها قصد بقوله : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا)(١). والثالثة : للأنبياء وكيفيتها مختلف فيها (٢) ، والاعتصام ، والتفويض ، والتوكل ، والإسلام ـ أي الاستسلام ـ مترتب بعضها على بعض ، فالاعتصام قبل التفويض ، والتفويض قبل التوكل ، لأن معنى فوضت أمري إلى فلان ، أي جعلت له الفوض فيه ، ومعنى توكلت عليه : اعتزلت ، وجعلته المعتمد (٣) ، وأما الإسلام فغايته ما كان من إبراهيم عليهالسلام ، حيث قال : (أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ)(٤) ، ولكون الاعتصام أول منزلة من هذه المنازل ، قال بعض الصوفية : الاعتصام
__________________
(١) سورة العنكبوت ، الآية : ٦٩.
(٢) قال الراغب في المفردات : «وعصمة الأنبياء : حفظه إياهم أولا بما خصّهم به من صفاء الجوهر ، ثم بما أولاهم من الفضائل الجسمية ، ثم بالنصرة وبتثبّت أقدامهم ثم بإنزال السكينة عليهم وبحفظ قلوبهم وبالتوفيق» المفردات ص (٥٧٠).
(٣) أي اعتزلت ما سواه وجعلته المعتمد.
(٤) سورة البقرة ، الآية : ١٣١.