الخطابين موصلا على لسان النبي صلىاللهعليهوسلم (١). إن قيل : لم صار أهل الكتاب يطلق في القرآن تارة على سبيل الذم ، وتارة على سبيل المدح ، ولا نجري قولنا : أهل القرآن وأهل السنة (٢) هذا المجرى؟ قيل : الكتاب لما كان قد يراد به ما افتعلوه دون ما أنزل الله نحو : (لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ)(٣) ، وقد يراد به ما أنزل الله تعالى ، فيكون على سبيل الذّم لأهل الكتاب ، وقد يراد به ما أنزله الله ، ويكون على سبيل التهكم ، نحو قوله : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ)(٤) فعلى هذا لو قيل : أهل القرآن وأهل السنة على سبيل الذم والتهكم لجاز (٥) ، وقوله : لم : وإن كان أصله استفهاما فالمقصد به هاهنا الإنكار والتنبيه ؛ أن لا جواب لهم ولا عذر (٦).
__________________
(١) ذكر أبو حيان هذا التساؤل وجوابه ملخصا ، ونسبه للراغب. البحر المحيط (٣ / ١٦).
(٢) أهل السنة : هم أهل الحق : من الصحابة ، رضي الله عنهم ، وكل من سلك نهجهم من خيار التابعين ، ثم أصحاب الحديث ومن اتبعهم من الفقهاء جيلا بعد جيل إلى يومنا هذا ، ومن اقتدى بهم من العوام في شرق الأرض وغربها رحمة الله عليهم. الفصل لابن حزم (٢ / ٢٧١).
وانظر : مجموع فتاوى شيخ الإسلام (٣ / ٣٤٦ ، ٣٧٥).
(٣) سورة البقرة ، الآية : ٧٩.
(٤) سورة الدخان ، الآية : ٤٩.
(٥) ذكر أبو حيان هذا التساؤل وجوابه مختصرا ونسبه للراغب. البحر المحيط (٣ / ١٦).
(٦) من الأغراض البلاغية للاستفهام : الإنكار ، وهو هنا لتوبيخ أهل الكتاب ،