تقدم ذلك (١) ، وقولهم : لا يستطيع كذا. تارة يقال لنفي القدرة ، وتارة لنفي الخفّة ، فإن قوله : (لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً)(٢) أي يستثقلونه ، لا لأنهم لا يقدرون عليه (٣) ، وتمام استطاعة العبادة
__________________
(١) يشير إلى كلامه في تفسير الآية ١٨٤ من سورة البقرة حيث قال : «والقدرة والاستطاعة والجهد والطاقة تتقارب ، وبينهما فروق : ـ فالقدرة : ما يظهر من القوة بقدر العمل ، لا زائدا عليه ولا ناقصا. ـ والاستطاعة منها ما يصير الفعل طائعا له بسهولة. ـ والوسع منها ما يسع له فعله بلا مشقة. ـ والجهد ما يتعاطى به الفعل بمشقة. ـ والطاقة منها بلوغ غاية المشقة». انظر : تفسير الراغب (ق ١٢٣ ـ مخطوط) وقد فرق أبو هلال العسكري بين القدرة والاستطاعة والطاقة بقريب مما ذكر المؤلف. انظر : الفروق ص (١١٩) وذكر الأزهري في معنى الجهد ما ذكره المؤلف. انظر : تهذيب اللغة (٦ / ٣٧). وعامة من رجعت إليهم ممن فسروا الوسع قالوا : إنه الطاقة ، ولم يفرقوا بينهما. انظر معاني هذه الكلمات في : الغريبين (١ / ٤٢٦) ، وتهذيب اللغة (٣ / ٩٥) ، والصحاح (٣ / ١٢٩٨) ، والمقاييس (٦ / ١٠٩) ، والمشوف المعلم (١ / ١٧١) ، وما اتفق لفظه واختلف معناه لابن الشجري ص (٧٣) ، وبصائر ذوي التمييز (٥ / ٢١٣).
(٢) سورة الكهف ، الآية : ١٠١.
(٣) قال الراغب : وقد يقال : فلان لا يستطيع كذا لما يصعب عليه فعله لعدم الرياضة ، وذلك يرجع إلى افتقاد الآلة أو عدم التصور ، وقد يصح معه التكليف ، ولا يصير الإنسان به معذورا. وعلى هذا الوجه قال تعالى : (لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) [الكهف : ٦٧] (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) [هود : ٢٠] وقال : (وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) [الكهف : ١٠١]