أوجها : الأول : أن يكون تقديره : ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم أن يؤتى. ويكون ذلك تبيينا أن هذه الشريعة أكمل الشرائع على ما تقدم. والثاني : أن يكون ذلك حثّا على موالاة المؤمنين ، ونهيا عن مخالطة الكافرين ، نحو : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)(١) أو نحوها من الآيات. والثالث : أن يكون فيه مع المعنى المتقدم حثّ على أن لا يصاحب المؤمن من لا تكون طريقته طريقته ، فيشغل عما هو بصدده (٢) ، وقال بعض الصوفية : لا تفشو أسرار
__________________
ـ جهة التثبيت لقلوبهم والتشحيذ لبصائرهم ؛ لئلا يشكوا عند تلبيس اليهود وتزويرهم في دينهم ، والمعنى : لا تصدقوا يا معشر المؤمنين إلا من تبع دينكم ، ولا تصدقوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من الفضل والدين ، ولا تصدقوا أن يحاجّكم في دينكم عند ربكم من خالفكم أو يقدر على ذلك ، فإن الهدى هدى الله وإن الفضل بيد الله». الجامع لأحكام القرآن (٤ / ١١٤). واقتصر القشيري في إشاراته على هذا الوجه من التأويل ، فقال : يحتمل أن يكون هذا ابتداء أمر من الله سبحانه للمسلمين.
لطائف الإشارات (١ / ٢٦٣). (١) سورة هود ، الآية : ١١٣.
(٢) ولكن أغلب المفسرين على أن قوله تعالى : (وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) حكاية عن قول الطائفة المذكورة من أهل الكتاب. وقد بالغ ابن عطية فقال : «ولا خلاف بين أهل التأويل أن هذا القول من كلام الطائفة» المحرر الوجيز (٣ / ١٢٤) ، وردّ ذلك الإطلاق أبو حيّان قائلا : «وليس كذلك ، بل من المفسرين من ذهب إلى أن ذلك من كلام الله ،