قولان : أحدهما : لا تقرّوا أن أحدا عرف محمّدا كما / قد عرفتموه. والثاني : أن خصّ أحد من العلوم والكرامات بمثل ما خصصتم. وقوله (أَوْ يُحاجُّوكُمْ) أي أو أن يجعل الله للمسلمين حجة يحاجونكم بها عند الله (١) ، فأكذبهم الله تعالى في الأمرين جميعا وردّ عليهم ، أما في الأول فبقوله : (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) تنبيها أن ذلك يعطيه من يشاء ، نحو (وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) أمّا في الثاني ، وهو قوله : (أَوْ يُحاجُّوكُمْ) فبقوله : (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ)(٢).
فقوله : (قُلْ إِنَّ الْهُدى) اعتراض بين بعض الجملة وبعضها ، تسديدا لها وجوابا لهم ، وكذلك قوله : (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ)
__________________
(١) هذا أحد وجوه تفسير قوله تعالى : (أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ) ، انظره وبقية الأوجه في : جامع البيان (٦ / ٥١٢ ـ ٥١٦) ، وانظر : معاني القرآن للفراء (١ / ٢٢٣) ، معاني القرآن وإعرابه (١ / ٤٣٠) ، والنكت والعيون (١ / ٤٠٢) ، والكشاف (١ / ٣٧٣ ، ٣٧٤) ، والمحرر الوجيز (٣ / ١٢٨ ، ١٢٩) ، والبحر المحيط (٢ / ٥١٨ ـ ٥٢٠) ، والدر المصون (٣ / ٢٥٨ ـ ٢٦٠).
(٢) قال أبو حيان : «هذا توكيد لمعنى (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) وفي ذلك تكذيب لليهود ، حيث قالوا : شريعة موسى مؤبدة ، ولن يؤتي الله أحدا مثل ما أوتي بنو إسرائيل من النبوة. فالفضل هو بيد الله أي متصرف فيه ...» البحر المحيط (٢ / ٥٢١).