الذي تكتمونه ، والتلبيس الذي تأتونه.
إن قيل : لم قال هاهنا : (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ، وقال فيما قبله : (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(١)؟ قيل : الذي نفى عنهم ما ادعوه من كون إبراهيم يهوديّا أو نصرانيّا ، وليس ذلك في كتابهم ، وما أثبت لهم هاهنا وقفوا عليه (٢) من كتابهم من أمر النبي صلىاللهعليهوسلم فجحدوه ، وهذا غاية الذّم ، إذ جحدوا ما علموا ، وادعوا ما جهلوا.
__________________
ـ ببعض دون بعض : أحمد في الأحاديث التي ظاهرها الخروج على السلطان ، ومالك في أحاديث الصفات ، وأبو يوسف في الغرائب ، ومن قبلهم أبو هريرة ... وعن الحسن أنه أنكر تحديث أنس للحجاج بقصة العرنيين ، لأنه اتخذها وسيلة إلى ما كان يعتمده من المبالغة في سفك الدماء بتأويله الواهي. وضابط ذلك أن يكون ظاهر الحديث يقوي البدعة ، وظاهره في الأصل غير مراد ، فالإمساك عنه عند من يخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب. فتح الباري (١ / ٢٧٢). وانظر : جامع بيان العلم وفضله ، باب «آفة العلم وغائلته وإضاعته ، وكراهية وضعه عند من ليس بأهله» (١ / ٤٤٢ ـ ٤٥٤) فقد ذكر في ذلك نقولا حسنة عن أئمة السلف منها ما ساقه بسنده عن كثير بن مرة الحضرمي أنه قال : «إن عليك في علمك حقّا ، كما أن عليك في مالك حقّا ، لا تحدّث العلم غير أهله فتجهل ، ولا تمنع العلم أهله فتأثم ، ولا تحدّث بالحكمة عند السفهاء فيكذبوك ، ولا تحدث بالباطل عند الحكماء فيمقتوك».
(١) سورة آل عمران ، الآية : ٦٦.
(٢) في الأصل : (عليهم) والصواب ما أثبته.