قوله عزوجل : (وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)(١) الوجه : أصله الجارحة ، ولما كان هو أول ما يستقبلك ، وأشرف ما في البدن ، تارة يستعمل في أشرف الشيء ، فيقال : هذا وجه كذا؟ وتارة في مبدئه ، نحو : وجه النهار (٢).
وقوله : (آمِنُوا) أي أظهروا الإيمان ، وقوله : (الَّذِينَ آمَنُوا) أي آمنوا بمحمد صلىاللهعليهوسلم. والطائفة التي قالت ذلك قال قتادة والربيع : هم اليهود بعضهم لبعض (٣) ، وقال الحسن :
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ٧٢.
(٢) تقدم ذكر معنى الوجه ص (٤٧١) من هذه الرسالة. وقال الطبري : وَجْهَ النَّهارِ يعني أول النهار ، وسمى أوله وجها له ، لأنه أحسنه ، وأول ما يواجه الناظر فيراه منه ، كما يقال لأول الثوب «وجهه» ، وكما قال ربيع بن زياد :
من كان مسرورا بمقتل مالك |
|
فليأت نسوتنا بوجه نهار |
جامع البيان (٦ / ٥٠٩) وهو قول الزجاج. انظر : معاني القرآن وإعرابه (١ / ٤٢٩) ، والعين (٤ / ٦٦) ، ومجاز القرآن (١ / ٩٦) ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص (١٠٦) ، وزاد المسير (١ / ٤٠٥).
(٣) جامع البيان (٦ / ٥٠٧) ، وقد ذكره بسنده عن أبي مالك. وذكره الماوردي في النكت والعيون (١ / ٤٠١) ، ونسبه للسدي وابن زيد. وذكره ابن كثير في تفسير القرآن العظيم (١ / ٣٥٣) ، ونسبه لقتادة والسدي والربيع وأبي مالك. وانظر : تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم ، وزاد المسير ـ