محجته وملاحاته (١). إن قيل : كيف قال : (وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) وكلاهما أفاد ما أفاد قوله (أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ؟) قيل : ليس كذلك ، فإن الشرك بالله قد يكون في غير العبادة (٢) ، ألا ترى أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «الشرك
__________________
ـ الوسيط ص (٧٤٣).
(١) ملاحاته : الملاحاة : المخاصمة والمنازعة. النهاية (٤ / ٢٤٣) وقال أبو السعود في إرشاد العقل السليم : «تنبيه : انظر إلى ما روعي في هذه القصة من المبالغة في الإرشاد وحسن التدرج في المحاجّة ، حيث بين أولا أحوال عيسى عليهالسلام ، وما توارد عليه من الأطوار المنافية للإلهية ، ثم ذكر كيفية دعوته للناس إلى التوحيد والإسلام ، فلما ظهر عنادهم دعوا إلى المباهلة بنوع من الإعجاز ، ثم لما أعرضوا عنها وانقادوا بعض الانقياد دعوا إلى ما اتفق عليه عيسى عليهالسلام والإنجيل ، وسائر الأنبياء والكتب ، ثم لما ظهر عدم إحداثه أيضا أمر بأن يقال لهم : اشهدوا بأنا مسلمون». إرشاد العقل السليم (٢ / ٤٧ ، ٤٨).
(٢) كالشرك في الربوبية ، وهو نوعان : أحدهما : شرك التعطيل وهو أقبح أنواع الشرك ، كشرك فرعون والفلاسفة القائلين بقدم العالم وأبديته ، ومنه شرك أهل وحدة الوجود كابن عربي وابن سبعين والعفيف التلمساني وابن الفارض ، ومنه شرك من عطّل أسماء الرب وأوصافه من غلاة الجهمية والرافضة. والثاني : شرك من جعل مع الله إلها آخر ، وإن لم يعطل أسماءه وصفاته : كشرك النصارى الذين جعلوه ثالث ثلاثة ، وشرك المجوس القائلين بإسناد حوادث الخير إلى النور ، وحوادث الشر إلى الظلمة. ومن