والإيفاء الزيادة عليه (١) ، إن قيل : كان من حق المقابلة أنه لما عاقب ذكر الكافرين بقوله : (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) أن يذكر هاهنا ما ينافيه فيقول : والله وليّ المؤمنين. ونحو ذلك من الكلام لا قوله : (وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) ، قيل : إن قوله : (وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) من صفة الذين كفروا ، ونبّه بالصفتين جميعا ، أعني هذه وقوله : (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) على كون المؤمنين منصورين ومحبوبين ، وقد دلّ على ذلك من فحوى الكلام في هذه الآية وغيرها من الآيات ، وفي قوله : (لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) تنبيه أنه لا يظلم خلقه ، فمن لا يحب شيئا لا يتعاطاه مع استغنائه عنه ، إن قيل : ما وجه إعادة ذكر عذاب الكافرين وثواب المؤمن العاقل الصالح في هذا المكان؟ قيل : إن ذلك مقترن بمخاطبته عيسى ، وهو قوله : (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ) وتقديره : الذين كفروا بك ، آمنوا بك. لكن حذف ذلك اختصارا (٢).
__________________
ـ مواضع كثيرة. ثم قال : والصلح يختص بإزالة النفار بين الناس. المفردات ص (٤٨٩).
(١) قال الراغب : وتوفية الشيء : بذله وافيا ، واستيفاؤه : تناوله وافيا. المفردات ص (٨٧٨). وانظر : مجمل اللغة ص (٧٥٨) ، والبحر المحيط (٢ / ٤٩٩) والقاموس ص (١٧٣١).
(٢) قال أبو حيان : قيل يحتمل أن يكون خاصّا ؛ أي كفروا بك وجحدوا نبوتك ، والظاهر العموم. البحر المحيط (٢ / ٤٩٨).