والأشرار في الدنيا ضربان : ضرب عرفوه عذابا كالأمراض والخسف والمسخ وتسليط المؤمنين عليهم ، وضرب حسبوه نعمة وهو في الحقيقة نقمة ، وذلك كتمكينهم من مال وجاه وسائر أعراض الدنيا ، التي حظهم منها الهموم والغموم ، وإياه عنى بقوله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا)(١).
قوله عزوجل : (وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)(٢) الإيمان : فعل ما يقتضي الأمن من عذاب الله (٣) ، والصّلاح : فعل ما يقتضي الصلح بينه وبين الله عزوجل (٤) ، والتوفية : إعطاؤه ما لا ينقص عما يقابله ،
__________________
(١) سورة التوبة ، الآية : ٨٥.
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ٥٧.
(٣) وذلك شامل لأفعال القلوب من التصديق والانقياد والمحبة ، وأفعال الجوارح من أداء الفرائض وترك النواهي ، قال الراغب : «ويراد به إذعان النفس للحق على سبيل التصديق ، وذلك باجتماع ثلاثة أشياء : تحقيق بالقلب ، وإقرار باللسان ، وعمل بحسب ذلك بالجوارح» المفردات ص (٩١).
(٤) قال الراغب : الصلاح : ضدّ الفساد ، وهما مختصان في أكثر الاستعمال بالأفعال ، وقوبل في القرآن تارة بالفساد وتارة بالسيئة. قال تعالى : (خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) [التوبة : ١٠٢]. (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها) [الأعراف : ٥٦]. (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) في